لبنان لمواجهة أسابيع قاسية.. والتفاوض طويل المدى

أصبح واضحاً أن مسار التفاوض حول ترسيم الحدود سيكون طويلاً. فالوصول إلى اتفاق على ترسيم الحدود، لن يكون منعزلاً عن اتفاقات سياسية أخرى، أشمل وأكبر.
التفاوض وما وراؤه
الاتفاق النهائي سيكون جانباً من الاتفاق الواسع السائر في المنطقة، بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران. وقبل الوصول إلى تلك النقطة، يلعب الجميع في ملعب التفاوض، بالتصعيد تارة، وطوراً بالتهدئة. وسيكون هناك الكثير من اللعب في هذا الملعب، ورفع لسقوف التفاوض.
حزب الله لن يقدّم شيئاً في هذه المرحلة. والأميركيون كذلك. فالمنطقة تعيش شهوراً عاصفة، ولبنان يواجهة أسابيع قاسية جداً، يتخللها المزيد من الانهيار والضغوط، بغض النظر عن تشكيل الحكومة أو عدم تشكيلها.
القوى الدولية
العناوين اللبنانية أساسية وواضحة. أما أميركا فتسعى من خلال ترسيم الحدود إلى إعادة صوغ النظام اللبناني برمته: نظامه الاقتصادي والمالي والمصرفي والأمني والعسكري، مع طموحها بتغيير وجهة السياسة اللبنانية.
وهناك تدخل فرنسي قوي للحفاظ على مكتسبات لبنانية تاريخية، ثقافياً، سياسياً، اجتماعياً، واقتصادياً. والدور الروسي ركيزته تأثير موسكو في سوريا، ومساعدتها في ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، وإيجاد حل لمزارع شبعا، ومشاركة الشركات الروسية في التنقيب عن النفط والغاز، وإصلاح خزانات النفط في طرابلس، إضافة إلى ملف روسي جديد: عملها على إعادة اللاجئين.
أما الدور والتأثير الإيرانيان فقويان من خلال حزب الله ودوره الأساسي في إدارة المفاوض اللبناني. وبقول أوضح: لبنان مرتبط بالتسوية الشاملة في المنطقة.
سقوف التفاوض العالية
وبعد دخول بايدن إلى البيت الأبيض، سيحتاج إلى وقت طويل للتفرغ للملفات الخارجية والبحث في الملف الإيراني وملفات الشرق الأوسط. أما في حال تمكن ترامب من العودة بتركيبة قضائية معينة، فسيستمر المسار القائم. وفي كلتا الحالين ستحفل الأسابيع المقبلة بمزيد من التصعيد.
حزب الله يعرف أن المسار لن يكون سهلاً. وهو يتحضر لأي احتمال أو سيناريو. سواء في الشهرين الفاصلين عن الولاية الجديدة للرئاسة الأميركية، وما يُسرب عن احتمال قيام إسرائيل بتنفيذ عملية استباقية هدفها تغيير موازين القوى مع حزب الله.
وليس صدفة أن تعقد الجلسة الأخيرة من مفاوضات ترسيم الحدود على وقع إسقاط الإسرائيليين طائرة استطلاع لحزب الله. والجلسات كلها تتزامن مع تحليق مكثف للطائرات الحربية الإسرائيلية في الأجواء اللبنانية. وهذه كلها عوامل ضغط تستخدم على طاولة المفاوضات.
حتى الآن لم تحقق المفاوضات تقدماً. فكل طرف يتمسك بمطالبه ويتشدد أكثر من الآخر. وبعد أن طرح لبنان معادلة الحصول على 2290 كلم مربعاً، طرحت إسرائيل خطاً جديداً هو الخط 310 الذي يصل إلى نصف البلوك رقم 5 قبالة شاطئ صيدا. وهذا الخط يعني أن إسرائيل تطمع بحوالى 1 في المئة من البلوك رقم 10، وحوالى 60 في المئة من البلوك رقم 9، والبلوك رقم 8 كاملاً، وحوالى 40 في المئة من البلوك رقم 5.
طبعاً هذا الخط غير قابل لمجرد التفكير بالتفاوض حوله لبنانياً. وهناك من يعتبر أن رفع السقوف حالياً هدفه أن يصل لبنان في النهاية إلى الحصول على المساحة الكاملة المتنازع عليها، وفق ما ينص اتفاق الإطار. أي أن يحصل لبنان على 860 كلم. لكن ذلك سيكون مرتبطاً بالاتفاق الأوسع، والذي سيكون متوقفاً على مسار المفاوضات الإيرانية – الأميركية.
التنقيب والأمن
لا يمكن فصل مسار مفاوضات الترسيم عن احتمال تغيير الصيغة السياسية في لبنان أو تعديلها، ولا عن ملف الاستراتيجية الدفاعية. وكذلك عن عمليات التنقيب عن النفط والغاز وإنتاجهما. وهناك تركيز أساسي حول كيفية نقل هذه المنتجات وعبر أي أنبوب.
هذا كله سيكون بحاجة إلى مسار طويل، قد يستغرق سنوات. وهناك معلومات تؤكد أن الضغط الدولي – حتى ولو حصل ترسيم الحدود – لن يسمح للبنان بالتنقيب قبل عقد اتفاق أساسي ونهائي يجعل الجنوب منطقة آمنة ومستقرة.