ماذا وراء رسالة عون إلى النواب؟

“الراي الكويتية”:

بات الواقعُ السياسي في لبنان أسيرَ معادلةٍ قاتمةٍ مزدوجةٍ قوامُها «لا قدرة على التقدّم ولا على التراجع» لبعض الأطراف الوازنة في الداخل، وعدم ممانعةِ لاعبين رئيسيين الذهابَ بالبلاد إلى آخِر «طريق جهنّم» في سياق استخدامه كجبهةٍ باردة أو ساخنة من ضمن مسار الإعداد للمرحلة الجديدة في المنطقة التي تبدأ مع تسلُّم جو بايدن الرئاسة في الولايات المتحدة وما قد يسبقها من تطوّرات في «مَلاعب النار» المعتادة أو خلف «الخطوط الحمر».

ولم تُعد كل أساليب التأنيب ولا التحفيز الدولي تُجْدي أمام «الاستسلام» الداخلي للأزمة الأعتى التي تعصف بلبنان الذي يبدو وكأنه يحمل بين يديه قنبلةَ سُحبت حلقة الأمان منها، مكوّناتها الانهيارُ المالي – الاقتصادي وفوضى دستورية مع استمرار تعثُّر تأليف الحكومة الجديدة، وواقعٌ سياسي يَمْضي في «تنويم» الأبعاد العميقة للسقوط المريع لـ «بلاد الأرز» والتي تتمثّل في انزلاقها إلى المحور الإيراني وتحوُّلها مرتكزاً رئيسياً لقوس نفوذ طهران، في موازاة عملية «إيقاظٍ» متعمّدة، أو هي في إطار التعمية عن أصْل المشكلات في بيروت، لملفاتٍ في غير مكانها وزمانها تنذر باستقطاباتٍ طائفية حادة.

ويشكّل قانون الانتخابات النيابية ‏الذي تبحثه اللجان النيابية المشتركة اليوم أحد أبرز هذه الملفات التي أُقْحِمت في الأجندة الداخلية وسط خشية بعض الأوساط من أن يكون إصرارُ رئيس البرلمان نبيه بري على طرْح هذه المسألة في المرحلة الراهنة على طريقة «الجهاد الأكبر» الذي كان أعلنه في الطريق إلى انتزاع النسبية على تخوم إقرار القانون الذي جرت على أساسه انتخابات 2018، وهذه المرة في سياق التمهيد لـ «معركةٍ حقيقية» ستخاض حتى النهاية للوصول إلى قانونٍ (بري يريده وفق اقتراح لبنان دائرة واحدة مع النسبية) يتوّج مع «متمماته» عمليةَ القضم الممنهجة التي تعرّض لها النظام وتوازناته في الأعوام الـ 15 الأخيرة.

وفي حين تتجه الأنظار إلى المناخ الذي سيسود جلسة اللجان اليوم في ظل تقاطُع «موْضعي» بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» على الارتيابِ من خلفيات إثارة مسألة قانون الانتخاب راهناً ورفْضهما طروحاتٍ ترهن التمثيلَ للعبة العدد، على وقع تكرار رئيس «القوات» سمير جعجع أمس «أن ما يحصل في موضوع قانون الانتخاب مؤامرة كبرى وبأي منطق يطرح هذا الأمر اليوم في عزّ الأزمة التي نعيشها والانقسام السياسي الحاد؟»، رأتْ أوساطٌ سياسية أن الرسالة التي وجّهها عون إلى مجلس النواب حول التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، في ضوء انسحاب شركة «الفاريس اند مارسال»، عكستْ تجاذباتٍ إضافيةً على خطّ الرئاستين الأولى والثانية، رغم الاقتناع السائد في بيروت بأن مسؤولية «وأد» مهمة التدقيق الجنائي في مهدها تتحمّلها أطراف عدة، كلّ لاعتباراتها التي قفزت فوق محورية هذه المسألة بوصْفها حجرَ زاوية في المبادرة الفرنسية للدفْع نحو حكومة إصلاحية من اختصاصيين غير حزبيين ولا ولاءات سياسية لهم تفتح الطريق أمام تلقي لبنان الدعم المالي على منصة اتفاقٍ مع صندوق النقد الدولي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!