هل تنفض فرنسا يدها من لبنان وتُفاجئنا أميركا؟

انطلق «أسبوعُ الاستقلالِ» اللبناني على وقْع تَدَحْرُج المؤشراتِ التي تُفاقِم المخاوفَ الكبرى من أن الخروجَ من النفق الذي علقتْ فيه «بلاد الأرز» بات محكوماً بمعادلة «نكون أو لا نكون»، في ظلّ «العاصفة الكاملة» المالية – النقدية – المصرفية – الاقتصادية – السياسية التي تضرب لبنان وعدم تواني اللاعبين المُمْسكين بدفّة القرار المحلي عن اعتماد إستراتيجية «الأرض المحروقة» في تعاطيهم مع ملف تأليف الحكومة الجديدة الذي يراوح في دائرة التعقيدات من فوق تحذيراتِ الصوت العالي الدولية والفرنسية خصوصاً من أن الوطن الصغير مهدَّدٌ بـ «الزوال».

وإذ ستحلّ الذكرى 77 لاستقلال لبنان في ظلالِ الإقفال التام الذي تفرضه ضروراتُ محاولةِ نزْع «أنياب» كورونا، لم تكن عابرةً الرمزيةُ التي انطوى عليها تَزامُن هذه المحطة مع تجلٍّ قد يكون الأكثر نفوراً لتَحَلُّل الدولة وتَخَلٍّ من قوى سياسية رئيسية عن الحاجة لإنقاذ البلاد من «الموت البطيء» الذي انزلقتْ إليه عبر حكومةٍ من «مستقلين نزيهين وكفوئين» تدفع باريس باتجاهها من خلال مبادرتها الشهيرة التي تحوّلت معها فرنسا أشبه بـ «الكفيل» للبنان المنهار في رحلة الصعود الشاق من الحفرة العميقة التي تتطلّب «إسناداً» عربياً ودولياً.

وعلى طريقة إذا أردتَ أن تعرف ماذا سيحصل في لبنان عليك أن تعرف ماذا جرى في باريس، شخصت أنظار بيروت أمس على العاصمة الفرنسية حيث تم رصْد محطتيْن: الأولى «صافية» في صلتها بالأزمة اللبنانية وشكّلها عَقْدُ الرئيس ايمانويل ماكرون اجتماعاً لخلية الأزمة التي أنشأها لمتابعة مسار مبادرته والذي اطلع فيه على خلاصات زيارة موفده باتريك دوريل لبيروت قبل أيام.

والثانية ترتبط في جانبٍ منها بالواقع في «بلاد الأرز» وتَمثّلت في لقاء ماكرون مع مايك بومبيو وزير الخارجية في إدارة الرئيس دونالد ترامب الذي «شَحَذَ سكين» العقوبات للمرحلة الانتقالية أميركياً، مصيباً رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل من ضمن لائحةٍ من شخصياتٍ من مشارب مختلفة ستوضع أسماء منها تباعاً على القائمة السوداء.

ورغم الانطباع الذي تعبّر عنه أوساطٌ مطلعة بأن ما «كُتب قد كُتب» على صعيد إصرار الائتلاف الحاكم (يقوده حزب الله – التيار الحر) على حكومةٍ بشروطه التي تحمل في جوهرها رغبةً بالعودة إلى تجارب حكومات الوحدة الوطنية ولو مع «تمويهٍ» للشكل (تكنو – سياسية أو اختصاصيين من ضمن «كوتا» سياسية وحزبية بالتسمية) واختباء خلف عناوين مثل احترام «الشراكة الوطنية» واتهام الرئيس المكلف سعد الحريري بأنه يعتمد مقاربة في مشاوراته لا تراعي مثلث «المناصفة والميثاق والوحدة الوطنية»، فإن هذه الأوساط لا تقلّل من أهمية «الخطوة التالية» لفرنسا لبنانياً في ضوء فشل دوريل باختراق جدار التعقيدات، ولا من ضرورة رصْد ما تكوّن لدى باريس من معطياتٍ حول المسار الذي ستعتمده إدارة ترامب حيال الملف اللبناني، وعموم المنطقة، في الشهرين المقبلين.

وإذ كانت تقارير صحافية تنقل عن أوساط ديبلوماسية أن كانون الأول المقبل سيشهد مفاجأةً على الساحة اللبنانية تشكّل امتداداً للكلام الأخير والمتشدّد للسفيرة الأميركية دوروثي شيا، لم يقلّ دلالةً – وسط اعتبارِ الأوساط نفسها أن «نفْض» باريس يدَها من الملف اللبناني قد لا يكون وشيكاً – أن فرنسا لم تتردّد عبر مصدر رفيع المستوى (لصحيفة «نداء الوطن») في أن «تدلّ بالإصبع» على «حزب الله» وباسيل، معتبرة أن عليهما «ألا يستسهلا بقاء الأوضاع معطّلة كما هي الآن»، والجزم بأنه إذا شكل الحريري حكومةً بشروط باسيل والحزب «فسيكون ذلك خياراً ساقطاً ولن ينجح لأنّ الولايات المتحدة ودول الخليج لن تساعد هكذا حكومة».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!