الأسواق تنتفض على بطاقات الدفع ونقص الليرة يعمّق الانكماش

تراجعت أغلبية المصارف عن قرار تخفيض سقف السحوبات بالليرة اللبنانية بعد ساعات قليلة على انتشار الخبر. فهل هذا يعني طي الصفحة إلى غير رجعة، أم فتح فصل جديد من “حبس الليرة” بعد امتصاص غضب الرأي العام وبلورة صيغة إخراجية جديدة تكون أقل حدة؟

 

جميع الاحتمالات تقودنا مع الأسف إلى حتمية الخيار الثاني. فالانفلاش الهائل بالكتلة النقدية بالليرة أصبح يمثل قنبلة موقوتة تهدد بانفجار اقتصادي واجتماعي في أي لحظة. إذ ان الكتلة النقدية بالليرة ارتفعت من حوالى 5 آلاف مليار ليرة في مطلع العام 2019 إلى اكثر من 24 ألف مليار حالياً. وهي تمثل عرضاً كبيراً من النقود، يتحول بشكل مباشر وغير مباشر إلى طلب على الدولار، ويساهم في انهيار سعر الصرف.

 

كما ان “بروفا” المصارف مطلع هذا الاسبوع كان قد سبقها قرار وسيط من مصرف لبنان بتاريخ 9 تشرين الاول حمل الرقم 13283 يجبر فيه المستوردين على تسديد النسبة المطلوب تغطيتها الى المصرف بالليرة اللبنانية نقداً،

 

على ان يقوم المصرف بايداعها أوراقاً نقدية Banknotes في مصرف لبنان بغية تأمين العملات الاجنبية اللازمة لعملية الاستيراد. ما يعني عدم السماح للتجار بتحويل الاموال إلى المصرف من حساباتهم الجارية بالليرة أو عبر الشيكات، والزامهم بتأمينها نقداً.

 

قرار المركزي سيكبر خلال الأيام المقبلة ككرة الثلج ليصل بنا في النهاية إلى “أسوأ تضخم انكماشي ممكن ان يشهده البلد”، يقول عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي عدنان رمّال. فإلزام المستوردين بتأمين الليرة نقداً سيجبرهم على عدم قبول الشيكات والتحويلات المصرفية وغيرها من وسائل الدفع الالكتروينة من تجار الجملة،

 

وهؤلاء سيصرّون على بيع تجار المفرق نقداً، والذين بدورهم لن يقبلوا بتسديد المستهلكين ثمن مشترياتهم عبر البطاقات الائتمانية أو الشيكات المصرفية، وسيلزمونهم بالدفع النقدي. وهو ما بدأ يظهر جلياً من خلال رفض محلات البيع بالتجزئة قبول الدفع بالبطاقة والتحجج بتعطّل “ماكينات” POS.

 

هذه الآلية تلاقت من جهة أخرى مع طلب المركزي من المصارف تخفيض سقف السحوبات النقدية للأفراد وتشجيعهم على الشراء بالبطاقات، “عندها ستنقطع الحلقة التجارية وتتراجع عمليات الاستيراد وتنخفض كمية السلع والمنتجات في الاسواق إلى الحد الادنى”، بحسب رمال، “وفي هذه الحالة سندخل مرحلة جديدة من عدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وارتفاع نسبة إقفال الشركات وتسريح العمال والموظفين”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!