الحـــــزب تحقيق المرفأ او وزراؤنا

جاء في “العرب” اللندنية:

 

كشف وقوف الحـــــزب  في وجه القاضي الذي تولّى قيادة التحقيق في قضية تفـــــجير ميناء بيروت طارق البيطار مدى هيمنته على القرار اللبناني، وذلك بعدما طلب الأمين العام للحـــــزب إعفاء القاضي.

 

وجاءت حملة نصـــــرالله على البيطار في أعقاب تلميحات ذات طابع جدّي تفيد بأن التحقيق الذي يقوم به سيكشف مدى تورّط الحـــــزب  في قضيّة تخزين مواد نيـــــترات الأمونيـــــوم في مرفأ بيروت طوال عدة سنوات.

 

وأدى تفجـــــير هذه المواد في الرابع من آب 2020 إلى كارثـــــة كبيرة دمـــــرت المرفأ وجزءا من العاصمة اللبنانية وأدت إلى قتـــــل ما يزيد على مئتي شخص.

 

وانضمّ وزراء الحـــــزب في الحكومة إلى وزراء حركة أمل للمطالبة بإعفاء القاضي. وهدّد الثنائي الشيعي (الحـــــزب  وحركة أمل) بإسقاط حكومة نجيب ميقاتي في حال لم تتم تلبية الطلب،

 

كما هدّد باللجوء إلى تحركات في الشارع لإجبار السلطات المعنيّة على التخلص من القاضي.

 

ورأى سياسيون لبنانيون أنّ ما أقدم عليه الحـــــزب فضيحة كبيرة نظرا إلى أنه سكت عما يقوم به القاضي البيطار طيلة الفترة الماضية.

 

لأنه مازال لم يصل في التحقيق إلى ما يشير إلى تورّطه في استيراد نيـــــترات الأمونيـــــوم وتخزينها وإخراجها من أحد عنابر المرفأ تلبية لحاجات معيّنة في صنع البراميل المـــــتفجرة في سوريـــــا.

 

وقال هؤلاء السياسيون إنّ القاضي كان يستطيع “التلهي” بتوجيه تهم إلى نواب ووزراء سابقين مثل غازي زعيتر وعلي حسن خليل ونهاد المشنوق ويوسف فنيانوس قدر ما يشاء.

 

ولكن عندما وصل الأمر إلى لبّ الموضوع -أي إلى خفايا تخزين نيتـــــرات الأمونيـــــوم على مدى سنوات طويلة في مرفأ بيروت- تغيّرت نغمة الحديث.

 

ولاحظ هؤلاء أن نصـــــرالله قطع الطريق باكرا على أيّ استمرار للتحقيق وفضّل وضع حدّ له تفاديا للوصول إلى كيفية استقدام مواد نيـــــترات الأمونـــــيوم إلى بيروت وتخزينها في أحد عنابر المرفأ.

 

ووضع الحـــــزب  نجيب ميقاتي في مأزق؛ إذ ظهرت الحكومة -التي عقدت يوم الثلاثاء جلسة ما لبث أن رفعت بعد جدل وتلاسن بين رئيس الجـــــمهوريّة ميشال عون والوزير من حركة أمل بسّام مرتضى- بمظهر العاجز عن أيّ أخذ وردّ مع الحـــــزب .

 

وكان ميقاتي قال في وقت سابق إن لبنان لا يمكنه تحمل إقالة قاض ثان بعد إقالة المحقق الأول في شباط عندما قبلت المحكمة شكوى تشكك في حياده.

 

وسعى البيطار لاستجواب أحد كبار السياسيين في البلاد وهو وزير المالية السابق علي حسن خليل الذي قال إن جميع الخيارات مفتوحة للتصـــــعيد السياسي عندما سُئل خلال مقابلة الثلاثاء عما إذا كان من الممكن أن يستقيل بعض الوزراء.

 

وخليل هو الذراع اليمنى لرئيس مجلس النواب نبيه بري وحليف وثيق للحـــــزب . وقال خليل لقناة الميادين إن مسار التحقيق يهـــــدد بدفع لبنان “نحو حـــــرب أهلية”.

 

 

ولئن سعى البيطار لاستجواب العديد من الساسة المتحالفين مع الحـــــزب  فإنه لم يسع لاستجواب أي عضو من أعضاء الحـــــزب نفسه.

 

 

ورجح السياسيون اللبنانيون أن ينعكس هذا العجز على تعاطي المجتمع الدولي مع حكومة لبنانية يتبيّن أنّها “تحت سيطرة الحـــــزب  على حد تعبير شخصيّة لبنانية شغلت مواقع رفيعة المستوى.

 

ولا يُعرف إلى حد الآن ما هي الخطوات التي يمكن أن تتخذها فرنسا أو الولايات المتحدة حيال تعنت الحـــــزب  وتمسكه بفرض قراره تنحية البيطار؟ وما إذا كانتا ستستمران في دعم حكومة هي بمثابة رهينة لدى الحـــــزب ولا تستطيع أن تغادر مربع مصالحه؟

 

ودعا رئيس حـــــزب القـــــوّات اللبنانيّة سمير جعجع الأربعاء كلا من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة والحكومة مجتمعة إلى أن “يتحمّلوا مسؤوليتهم في رفض الإذعان لترهـــــيب الحـــــزب.

 

وشدد جعجع على أنه “إذا أوقفوا التحقيقات في ملف المرفأ خضوعا لهذا الترهـــــيب، فعليهم الاستقالة فورا، بدءا من رئيس الجمـــــهورية”.

 

واعتبر حـــــزب الكتائب برئاسة سامي الجميل في بيان له أن “ما حصل في مجلس الوزراء أثبت كذبة الحكومة المستقلة، وأكد بما لا يقبل الشك أن الحـــــزب  أطبق على المؤسسات وأسقط كل اعتبار لمفهوم الدولة”.

 

وقال هايكو ويمين -وهو محلل في مركز أبحاث مجموعة الأزمات- “سيستنزف هذا الخلاف الطاقة وسيجعل (ميقاتي) يبدو ضعيفا”، مضيفا “أنه (الخلاف) يضع علامة استفهام كبيرة، أو يضيف شكا آخر إلى جملة الشكوك التي تساور الجميع بالفعل حول جدوى هذه الحكومة”.

 

وأشار مهند حاج علي من مركز كارنيجي للشرق الأوسط إلى أن الحـــــزب  “كان يُظهر نفوذه وقوته، وهذا ينعكس بشكل سيء على حكومة ميقاتي”.

 

وقال نزار صاغية رئيس المفكرة القانونية -وهي منظمة أبحاث- إن الحكومة لا تملك سلطة عزل البيطار، لكنها قد تلغي قرارا سابقا يقضي بإحالة التحقيق إلى المجلس العدلي وهذا سيكون اعتداء كبيرا على “فصل السلطات”.

 

ودعت الدول الأجنبية التي يأمل لبنان في الحصول على مساعدات منها إلى إجراء تحقيق شفاف في الانـــــفجار الناجم عن كمية ضخمة من نيتـــــرات الأمونيـــــوم المخزنة بشكل غير آمن.

 

واتهم نيد برايس المتحدث باسم الخارجية الأميركية الحـــــزب  الثلاثاء بتهـــــديد القضاء اللبناني، ووضع مصالحه ومصالح إيـــــران فوق مصالح الشعب اللبناني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!