الرئيس عون: أدعو الى إعلان لبنان دولة مدنية وأتعهد بالدعوة الى حوار توصلا الى صيغة مقبولة

اشار ​الرئيس ميشال عون​ الى انه “لسنة خلت أعلنّا بدء ذكرى مئوية ​لبنان​ الكبير، وكان مقرراً أن تكون انطلاقة نشاطات ثقافية وفنية تخبر عن لبنان، لبنان الحضارة، لبنان الثقافة، لبنان القيم، لبنان التنوع والعيش الواحد، وأيضاً لبنان النضال والمعاناة، لبنان الألم والأمل، للأسف، ​السنة​ التي خلت، قد حفلت بأزمات غير مسبوقة وبالكوارث، فلم تترك مجالاً لأي ومضة فرح؛ ومع ذلك يبقى الأمل، الأمل بتغيير حقيقي يمكّن وطننا من النهوض مجدداً”.

ولفت الرئيس عون في رسالة له بمناسبة الذكرى المئوية الاولى لاعلان دولة لبنان الكبير، الى ان مئة عام مرت على قيام الدولة لبنانية، وصحيح أن مقاربات اللبنانيين لهذا الحدث التاريخي مختلفة وأحياناً متناقضة، ولكن تبقى شهادة للتاريخ والحقيقة أن إعلان دولة لبنان الكبير شكل النواة لقيام وطننا بحدوده الحالية بعد أن أعاد له ما سُلخ منه، كما أمن له اعترافاً دولياً ثميناً في حينه. اضاف “للأمانة التاريخية، مع انطلاقة لبنان الكبير، بدأت مداميك الدولة تتركز؛ فكل المؤسسات والتنظيمات الإدارية والمالية والقضائية والأمنية وضعت أسسها في تلك الحقبة، وكذلك الدستور اللبناني”.

واعتبر بان المئوية الأولى، وإن عرفت بعض حقبات الازدهار والنهضة الاقتصادية والثقافية والمؤسساتية، إلا أنها كانت زاخرة بالخضات والأزمات والحروب، لم نعرف فيها استقراراً حقيقياً إلا لفترات قصيرة تشبه الهدنة ما بين أزمة وأزمة… فأين الخلل؟ هل هو فينا أم في نظامنا أم في محيطنا أم في قدرنا؟ مجتمعنا تعددي متنوع، وقد ارتأى أجدادنا صيغة للعيش معا أساسها احترام الآخر وحقه بالوجود السياسي، وهي نجحت الى أن خنقتها التقلبات السياسية في المنطقة التي أشعلت حروبنا وحروب الآخرين على أرضنا. حتى كان اتفاق الطائف الذي صار دستورا جديدا له نقاط قوة كما ونقاط ضعف تظهر لدى كل استحقاق.

ولفت الرئيس عون الى انه اليوم لبنان في أزمة غير مسبوقة، حيث انفجرت تراكمات عقود في ال​سياسة​، في الاقتصاد، في المال وفي الحياة المعيشية. فهل حان الوقت للبحث بصيغة جديدة أو باتفاق جديد؟ شباب لبنان ينادون بالتغيير، أصواتهم تصدح في كل مكان تطالب بتغيير النظام، فهل نصغي إليهم؟ هؤلاء الشباب هم لبنان الآتي، ولأجلهم ولأجل مستقبلهم أقول: نعم حان الوقت. واوضح بان التعددية مصدر غنى إنساني وثقافي وقيمي، وهي التي جعلت من لبنان رسالةً وأرض لقاءٍ وحوار؛ فهل نسمح بأن تنقلب الى محرك للتفرقة والانقسام؟ ولفت الى إن النظام الطائفي القائم على حقوق الطوائف وعلى المحاصصة بينها كان صالحاً لزمن مضى، ولكنه اليوم صار عائقاً أمام أي تطورٍ وأي نهوضٍ بالبلد، عائقاً أمام أي إصلاح ومكافحة فساد، ومولداً للفتن والتحريض والانقسام لكل من أراد ضرب البلد.

اضاف قائلا “نعم، هناك حاجة لتطوير النظام اللبناني، لتعديله، لتغييره…. سمّوها ما شئتم، ولكن الأكيد أنّ لبنان يحتاج الى مفهوم جديد في إدارة شؤونه، يقوم على المواطنة وعلى مدنية الدولة”، واشار الى ان تحوّل لبنان من النظام الطوائفي السائد الى الدولة المدنية العصرية، دولة المواطن والمواطنة، يعني خلاصه من موروثات الطائفية البغيضة وارتداداتها، وخلاصه من المحميات والخطوط الحمر والمحاصصات التي تكبّل أي إرادة بنّاءة وتفرمل أي خطوة نحو الإصلاح”. واشار الى ان اللبنانيين يستحقون بعد المعاناة، دولة تكون فيها الكفاءة هي المعيار، والقانون هو الضامن لحقوق الجميع بالتساوي، والانتماء الأساس هو للوطن وليس لزعماء الطوائف؛ هذه الدولة هي مطلب شعبي، والأصوات في الساحات تطالب بها، فهل تلتقي عليها الإرادات السياسية وتبحث جدياً آلية الوصول إليها؟”.

وتابع قائلا “أيها اللبنانيون حتى يكون الأول من أيلول من العام 2020 استمراراً للأول من أيلول من العام 1920، ولأنني مؤمن أن وحدها الدولة المدنية قادرة على حماية التعددية وصونها وجعلها وحدة حقيقية، أدعو الى إعلان لبنان دولة مدنية، أدعو الى إعلان لبنان دولة مدنية، وأتعهد بالدعوة الى حوار يضم السلطات الروحية والقيادات السياسية توصلاً الى صيغة مقبولة من الجميع، تُترجم بالتعديلات الدستورية المناسبة، هذه أرضنا، وهذا وطننا، ومهما اشتدت الصعوبات سنبقى هنا وسنبقى معاً، وسيبقى لبنان من مئوية إلى مئوية، وطن الأرز الخالد”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!