تشكيل جبهة لعزله: عون يخطِّط لسحب تكليف الحريري

كتب منير الربيع في “المدن”: لم يكن الفيديو المسرب، ويظهر فيه رئيس الجمهورية ميشال عون يذمّ الرئيس سعد الحريري واصفاً إياه بالكاذب، إلا خير الدلائل على حجم الانهيار الذي وصلت إليه السياسة اللبنانية. فما قاله عون علانية في التسريب، يقول أسوأ منه وأقسى في مجالسه الخاصة.

عهد التوريث
عون لا يريد في الأساس سعد الحريري رئيساً للحكومة. لكن الحريري نجح في فرض نفسه وتكليفه الذي يتمسك به ولن يتخلى عنه. واستمرار الفراغ لا يُشعر عون بمشكلة. ومخطئ من يعتبر أن الفراغ قد يشكل عنصراً ضاغطاً على رئيس الجمهورية حفاظاً على عهده.

فمنذ أيام عهد الأولى، بدأ عون معركته السياسية الكبرى لتوفير فرص الوراثة الرئاسية لصهره جبران باسيل. وكل ما يفعله العهد العوني اليوم مسخّر لتعويم جبران باسيل وإيصاله إلى قصر بعبدا الرئاسي.

عون: أحكم بلا حكومة
الدولة اللبنانية حالياً محكومة من عون وصهره ومن خلفهما (أو “فوقهما”) حزب الله. وجلوس رئيس الحكومة المستقيلة، حسان دياب، صامتاً قبالة رئيس جمهورية يذم رئيس حكومة مكلف، لهو أبرز الدلائل على صلافة عون الذي يصرّ على الإمساك بمفاصل الحكم، في مقابل ضعف دياب وغياب دوره.

من يحكم حالياً هو عون – باسيل في ظل حكومة تصريف أعمال. ويقول عون للحريري: إما أن تشكل حكومة كما أريد فأحكم من خلالها، أو تبقى مكلفاً وأنا من يتولى الحكم في ظل حكومة تصريف أعمال.

طرق إخراج الحريري
تزامن ذم عون للحريري مع حركة غير عادية يشهدها قصر بعبدا بحثاً عن فتاوى قانونية أو دستورية لسحب التكليف من الحريري. خلال البحث عن صيغة ملائمة مع بعض المقربين منه، قال أحد الحاضرين لعون: دستورياً لا يمكن بأي شكل سحب التكليف من يد الحريري. وهكذا سقط البحث عن الفتوى القانونية أو الدستورية، وطرحت فكرة الضغط الدولي على الحريري وشن حملة إعلامية واسعة عليه.

ولكن ثمة من توجه إلى عون بالقول: “يا فخامة الرئيس لا يمكن الرهان على الجو الدولي لصالحك في مواجهة سعد الحريري. الدول المؤثرة تفضله عليك، على الرغم من الملاحظات عليه وعلى أدائه. وبالتالي فإن ذلك لن يجدي نفعاً. سقطت الفكرة الثانية أيضاً، واهتدى الحاضرون إلى فكرة ثالثة: اللجوء إلى الضغط الشعبي والإعلامي والسياسي على الحريري. وبدأ الضغط بكلام باسيل: لا نأتمن الحريري على برنامج الإصلاح. ثم قال عون إن الحريري كذاب.

وسيتشكل الضغط بحملة سياسية وإعلامية ممنهجة، إضافة إلى تفكير في ممارسة ضغوط شعبية على الحريري: تحريك تظاهرات وتحركات نحو بيت الوسط ومؤسسات حكومية محسوبة على الحريري، والحديث عن ملفات فساد تشوبها. لكن انتشار وباء كورونا أخّر اللجوء إلى هذه الخطوات التي تبقى حاضرة للاستخدام في أي وقت وظرف.

مجابهة عون
خطوات باسيل وعون وتصريحاته ستستدعي الكثير من ردود الفعل: تيار المستقبل، وبأمر من الحريري، كان يحيّد رئيس الجمهورية عن الخلاف السياسي ويلقي بالمسؤولية على جبران باسيل.

لكن بعد تسريب الفيديو أصبحت المعركة مع عون مفتوحة وعلنية. ولن يكون تيار المستقبل وحده في هذه المعركة. الحزب الاشتراكي يقف إلى جانبه، خصوصاً بعد البيان العنيف الذي صدر عن هذا الحزب، فأدان تصرفات عون وممارساته. وهو كان رفض أن تتمثل المؤسسة العسكرية في اجتماع المجلس الأعلى للدفاع بشخص رئيس الأركان، لأسباب سياسية وطائفية. وبعض القوى المسيحية المعارضة لعون ليست بعيدة عن الخط الاعتراضي عليه وعلى ممارساته.

نزاعات عون – بري
ولا تقتصر مشكلة عون مع هؤلاء فقط. فمشكلته الأكبر هي مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وقابلة للانفجار أكثر فأكثر: الخلاف على ملف ترسيم الحدود، ومعارضة بري رغبة عون في إصدار مرسوم في الموضوع. والخلاف على ملف ترقية ضباط دورة الـ94، وعلى الجهة المخولة تفسير الدستور. أو حول اتجاه عون لإصدار قانون عفو خاص من خارج المجلس النيابي. وهذا يعتبره برّي مسّاً بالمجلس ودوره لا يمكن السكوت عنه.

هل تسمح هذه العوامل بتشكيل جبهة حقيقية معارضة لعون؟ جبهة تعمل على عزله ولا تمنح حزب الله فرصة لتطويع الجميع مجدداً في سبيل طموحات الرئيس الحليف ووريثه؟

المصدر: المدن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!