حزن في طرابلس: كورونا يخطف الكوتش نبيل جمال الملقب بـ”أخي”… ما كانت آخر كلماته؟

 

من لا يعرف الشاب نبيل جمال، لا يعرف حجم الوجع الذي فجره رحيله بسبب كورونا. استفاقت طرابلس صباح اليوم على وفاة ابن الـ37 عاماً، مدرب كمال الاجسام، بعد مخاض اسبوعين مع فيروس كورونا. خبر مؤلم ازدحمت به مواقع التواصل الاجتماعي، فرحيله ليس مجرد “رقم” جديد يضاف الى عداد كورونا الراكض في طرابلس. هي فاجعة لأصدقاء نبيل ومن يلتقيه في النوادي الرياضية، لا سيما داخل مدينة كان يعتزّ بلهجتها، فالتصقت بشخصيته بعبارة “أخي”، التي يلقيها باللهجة الطرابلسية الضخمة على كل من يناديه، لينتهي اللقاء بقهقهات صغيرة وتسليم حار. إلا أنّ الكلمة نفسها، ظهرت على رأس ورقة نعيه بدون لقاء جديد ولا وتسليم حميم.

عقب تشييعه بعد ظهر اليوم الى مثواه الأخير في مدافن الغرباء، ينقل أخوه بسام في اتصال مع “النهار” كلمات نبيل الأخيرة “تواصلت معه في الخامسة فجرًا عبر الواتساب. حاول الاتصال من غرفته بمستشفى المظلوم، لكن كلماته كانت غير مفهومة وصوته بالغ التهدج. قفل الخط وكتب لي رسالة “تعبان… حاسس على صدري بلاطة… عم بختنق”. وعند السادسة صباحًا تلقينا خبر وفاته من المستشفى”، مضيفًا أنّ رئتي نبيل رفضتا تلقي الاوكسيجين من الجهاز خلال الساعات الأخيرة، فانتفخ وجهه ورقبته.

وكان نبيل قد حجر نفسه منذ قرابة أسبوعين بعد شك بإصابته بالعدوى، “لكن بعد خمسة أيام من العزل لم تختف العوارض، وعند إجراء فحص PCR جاءت نتيجته إيجابية. نقلنا نبيل الى مستشفى المظلوم، فبقي في غرفة عادية في اليومين الأولين، لكن حالته تدهورت إذ كان منسوب الاوكسيجين في دمه ينخفض الى مستوى 70 و60، فانتقل للعناية المركزة حيث صار يتنفس من خلال أجهزة الأوكسجين. كان يتألم طوال الوقت”.

وبتناقل معلومات بلسان العديدين حول لجوء نبيل الى حقن البروتين والهرمونات لزيادة حجم عضلات يديه وصدره، وأثرها في تفاقم اصابته بكورونا، يجيب بسام “لا يتعاطى شقيقي الآن هذه الإبر إطلاقا. ربما تعاطاها في بداية مشواره الرياضي أي منذ قرابة 15 سنة”، مضيفًا أنّ نبيل كان يعاني نقصًا خلقيًا في بلاكيت الدم، لم تلعب لصالحه، “وكمشاكل صحية أخرى، كان يعاني زلالا في البول ونوبات بحصة في المسالك البولية لم يتخلص منها”.

ولنبيل كلب لا يفارقه، اسمه “بلوك”، بكى عليه أمس أثناء الغداء “كأنه يشعر بدنو أجله”.

وبموازاة الانتشار الواسع الذي حققه فيديو “أخي” الشهير ممهورًا بعبارات الرثاء، لا تزال موجات الحزن تتوالى على تويتر وفايسبوك.

إذ علقت الناشطة ريان كمون التي كانت تلتقيه في نادي Pro Fitness بـ”وين في ضحكة حلوة بالنادي بتكون مع نبيل. بيسلم على الكل وبيصرخ أخييي… لح نفتقدك جميعا”.

وكتب الاعلامي نبيل الرفاعي “أخييي كنت تحب كل الناس والكل يحبك. نبيل حبيب طرابلس وشوارعها وناسها ما رح ينسوك الله يرحمك يا حبيب القلب”.

ووصفه رفيقه محمد حموي بـ”الشاب الاجتماعي الخلوق المتواضع نبيل ذاك الطرابلسي الأصلي الأصيل الذي كان عندما نناديه يلتفت علينا وينادينا”.

ومن بين ردود الأفعال، صورة لنبيل نشرها جراح المير معلقا “لح تشتقلك طرابلس وشارع عزمي انت عنجد أطيب قبل والكل بيحبك وبيحب يسمع كلمتك المشهورة أخييي” ويطلق شتيمة لكورونا.

ووسط هذا الفيض من اللوعة، أراد بسام، أخو الراحل، أن يعبر عن موقف أخلاقي ومسؤول في بيئة تستهر بوجود كورونا “الاختلاط في طرابلس لا يزال مستمرًا كالمعتاد، والناس لا تعترف بوجود كورونا. رسالتي لهم هي الوقاية وإلا يفترض أن يقام على كل من يستهتر حجرًا إجباريًا.”

ويضيف “فقدنا شقيقي بكورونا. وعانت شقيقتي سابقا من كورونا وتلقت علاجها في مستشفى رفيق الحريري. أمامنا اليوم ثلاث جثث دفنت في المقبرة بسبب هذا الفيروس. أما حان للناس أن تعتبر وتصدّق وتلتزم الوقاية؟”، كلمات تردنا على الجانب الآخر من الهاتف، يبعثرها أصوات أخرى في البيت تنتحب وترثي نبيل المحبّ الذي خطفه كورونا في وردة شبابه.

المصدر: “النهار”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!