ردود وردود مضادة المستقبل والقوات عون يتخلى عن صلاحياته

كما لو أنّ كلّ شيء في البلاد في وضعٍ طبيعيّ، كان اللبنانيون على موعدٍ في عطلة نهاية الأسبوع مع “حرب كلاميّة” جديدة، كان بطلاها “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، حيث فشل المراقبون في “إحصاء” عدد الردود والردود المضادة التي تناوبا عليها، وشهدت رفعًا للهجة إلى أعلى المستويات المُتاحة.

وبمُعزَلٍ عن “البادئ” بالسجال المتفاقم، سُجّل العديد من الملاحظات والتحفّظات على خطّه، بدءًا من لجوء “التيار الوطني الحر” إلى الحقل المعجميّ الذي بات “عدّة المعركة” على ما يبدو، والذي يدور في فلك “الإجرام والاغتيال السياسيّ”، وصولًا إلى استحضار نغمة “معركة الصلاحيّات”، مع الاتهام الجاهز لـ”القوات”، كما لسائر الخصوم السياسيّين، بضرب صلاحيّات رئيس الجمهورية.

وفي حين كان لافتًا بيان “القوات” الموسّع، الذي فنّدت فيه الدائرة الإعلامية “من ضرب الصلاحيات” برأيها، من خلال أحد عشر بندًا بالتمام والكامل، تلاقت بمجملها عند مقتضيات الغمز والتلميح إلى فريق “العهد”، ثمّة من قرأ “تقاطعًا” لافتًا في الموقف مع تيار “المستقبل”، الذي ترى أوساطه في نهج الرئيس ميشال عون، ومن خلفه الوزير جبران باسيل، ضربًا غير مسبوق لصلاحيّات الرئاسة!

عون “يتهاون”.. كرمى لعيون باسيل؟!

صحيح أنّ تيار “المستقبل” وقف “متفرّجًا” على سجال “القوات-التيار”، من دون أن يتّخذ أيّ موقفٍ واضحٍ، في ظلّ “شبه القطيعة” التي لا تزال تربطه برئيس حزب “القوات” سمير جعجع، ولو سُجّل خرق على خطّها من خلال الاتصال الذي أجراه به الرئيس المكلَّف سعد الحريري، من باب الاطمئنان على صحّته، غداة إعلانه إصابته بفيروس كورونا.

إلا أنّ الصحيح أيضًا أنّ تيار “المستقبل” كان البادئ في استحضار “خطاب الصلاحيات”، الأسبوع الماضي، من خلال الردّ على منطق “التيار الوطني الحر”، الذي لا يفوّت فرصة من دون رفع الصلاحيات “شعارًا”،

رغم أنه أول من “يتهاون” على خطه، بدليل السجال الذي دار الأسبوع الماضي حول الزيارة “المفترضة” لرئيس “التيار” الوزير جبران باسيل إلى باريس، واللقاء الذي كان “يراهن” عليه مع الحريري.

هنا، يقول “المستقبليون” إنّ إصرار الحريري على “حصر” اللقاء برئيس الجمهورية ميشال عون يجب أن يسجّله كلّ “حريص على الصلاحيات” في سجلّه وليس عليه، خصوصًا أنّ عون يتنازل عن “صلاحيّاته” كرمى لعيون الصهر وفي سبيل “تعويمه”، وفق ما يرى هؤلاء،

إلا أنّه يكرّس بذلك “سابقة” قد لا تكون لصالحه، حين يرتضى أن يصبح رئيس التكتل المسيحي النيابي “أرفع منه درجة”، بل يمتلك حقّ “الفيتو” في النقاش بأيّ تشكيلة أو صيغة حكوميّة.

“القوات”: تحامل ومجافاة للواقع!

وعلى طريقة “المستقبل”، ولو من زوايا أخرى، يُفهَم السجال بين “القوات” و”التيار”، والذي بدأ باعتبار الهيئة السياسية لـ”الوطني الحر” أنّ جعجع “تحامل على رئيس الجمهورية”، بقوله إنّ إلى جانبه على مدى خمس سنوات أكثرية نيابية ووزارية، واتهامه ضمنًا بـ”ضرب صلاحيات الرئيس” عام 1990، متسائلًا “ماذا بقي منها اليوم”.

ويعتبر “القواتيون” أنّ هذا الكلام لم يبدُ مجافيًا للواقع فحسب، ولكن “متحامِلًا” بشدّة على “القوات”، وحَرفًا للحقيقة والواقع، في استكمال لنهجٍ يصرّ عليه “التيار” منذ انقضاضه على “تفاهم معراب” بعدما حصّل منه ما يريد، وبالتالي “انتفاء” الحاجة منه “مصلحيًا”، وبعدما انخرط “العونيّون” في نهج المحاصصة وتقاسم المغانم، على حساب الصلاحيّات التي يرفعها شعارًا لنفسه بلا وجه حقّ.

بالنسبة إلى “القوات”، فإنّ مشكلة “العهد” لا تزال هي هي، فهو يعتبر الصلاحيّات “امتيازًا” له، ويعطي نفسه الحقّ “الحصريّ” بالتخلّي عنها، متى ما تعارضت مع “المصلحة السياسيّة”، التي لم تعد أصلاً تدور حول شعار “حقوق المسيحيّين” الجميل في الشكل، بقدر ما تتمحور حول “طموحات” رئيس “التيار الوطني الحر” الرئاسيّة، وكيفية ضمان “تعويم” نفسه، لفرض نفسه مرشحًا رئاسيًا لا بديل عنه.

في ظلّ الأزمات المتفاقمة التي تعيشها البلاد، قد يبدو السجال حول “الصلاحيات” نافرًا، خصوصًا أنّه يقفز فوق “جوهر” الأزمة الحاليّة، والتي باتت تتصل بمدى قدرة اللبنانيين على “الصمود” معيشيًا واجتماعيًا، بما يتجاوز كلّ الأبعاد الطائفية والمذهبية، التي يبدو أنّ البعض يصرّ على “التلطّي” خلفها، ربما هربًا من الواقع المُرّ بالدرجة الأولى!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!