رسائل تهديد أميركيّة إلى عون والحريري

ثمّة رئيسان عاطلان عن العمل: رئيس حكومة تصريف أعمال هو حسان دياب متفرّجاً على الانهيار، ورئيس مكلّف يخاف أن يؤلف حكومته هو سعد الحريري. الأول لا يدعو حكومته إلى الاجتماع لأن النصّ أقوى من الكارثة، والثاني يعتقد أنه غير المستغنَى عنه
ليس جديداً منذ اتفاق الطائف أن يكون الرئيس المكلف هو غير رئيس حكومة تصريف الأعمال. الحالات الأوفر في هذا الطراز من تعاقب السلطة بينهما، توالي ثمانية رؤساء حكومة منذ عام 1990 تعايش فيها الرئيس المستقيل مع الرئيس المكلف. بينهم مَن خبر التجربة ثلاث مرات كسعد الحريري، ومرتين كسليم الحص وعمر كرامي ورفيق الحريري ونجيب ميقاتي، ومرة واحدة كرشيد الصلح وتمام سلام وحسان دياب. ثلاثة رؤساء حكومة جمعوا بين أن يكونوا رؤساء حكومة مستقيلين ورؤساء مكلّفين كالحريري الأب ثلاث مرات، وفؤاد السنيورة والحريري الابن مرة واحدة. على مرّ التجارب تلك باستثناء ما يحدث الآن، لزمت الحكومات المستقيلة النطاق الضيق لتصريف الأعمال، إلا أن الرؤساء المكلفين كانوا يتحركون في أكثر من اتجاه لتأليف الحكومة الجديدة. تفاوتت جهودهم ما بين ثلاثة أيام لتأليفها كما في حكومات الحص (1998) والحريري الأب (2003) وميقاتي (2005) و320 يوماً كما في حكومة سلام (2014). في ظل هذه المواعيد كانت الاشتباكات السياسية في ذروتها منذ عام 2005 ما بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية، وبينه والكتل النيابية قبل الوصول إلى التنازلات المتبادلة التي تفضي إلى إبصار الحكومة النور. لم يحدث ذلك إبان الحقبة السورية بعدما اعتادت خلالها دمشق على تحديد حصص الأفرقاء واقتطاع الحصة الكبرى لها.
ما يجري اليوم صمت غامض يحوط بمغزى تكليف الحريري واستعداده لتأليف حكومته، غير مسبوق في كل حال. كأن البلاد ليست في ظل حكومة مستقيلة ورئيس مكلف، وهي على شفير الانهيار: لا الأولى تجتمع، ولا الثاني يستعجل التأليف. ما خلا جلسات المجلس الأعلى للدفاع، لا يلتقي الرئيس ميشال عون بدياب، ولا بالحريري المفترض أنه ورئيس الجمهورية شريكان في تأليف الحكومة ما داما هما الاثنين يوقّعانها وكلاهما ملزم بتوقيع الآخر. إبان زيارة الموفد الفرنسي الخاص باتريك دوريل إلى بيروت أواخر الشهر المنصرم، أثار اهتمامه تبعاً لما سمعه منه الذين التقوه، أنه لا يعثر على تفسير لعدم حصول اجتماعات