سحب السلاح الان.. لا دولة في ظل سلاحين

وسط متغيرات إقليمية لافتة وفي مرحلة سياسية دقيقة يمر بها لبنان، تُفتح مجددا النافذة أمام فرصة تاريخية للخروج من نفق الانهيار، لكن هذه الفرصة تبقى مرهونة بقرار واحد، سحب السلاح غير الشرعي، وحصره بيد الدولة وحدها…

 

وفي هذا الاطار، فانه لم يعد خافيا على أحد أن استمرار وجود السلاح خارج مؤسسات الدولة هو العائق الأبرز أمام أي خطة إنقاذ أو إعادة بناء، فالدولة لا تُبنى في ظل سلاحين، ولا تُستعاد الثقة في ظل هيمنة أمنية موازية تُفرغ الشرعية من مضمونها، وتحاصر الاقتصاد والسياسة ضمن معادلات القوة.

 

 

وفي هذا السياق، تتجه الأنظار إلى الزيارة التي يقوم بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى بيروت، في ظل معطيات تفيد أن ملف السلاح داخل المخيمات الفلسطينية خصوصا خارجها، سيكون بندا أساسيا في المحادثات مع المسؤولين اللبنانيين.

 

فالزيارة، التي تأتي بعد مساعٍ فلسطينية لضبط الوضع الأمني في بعض المخيمات، وخصوصا عين الحلوة، تحمل أبعادا أكثر عمقا مما تبدو عليه، فهناك إدراك فلسطيني رسمي، وفق المعطيات بأن استمرار السلاح المتفلت في بعض المخيمات يضر بالقضية الفلسطينية أولا، ويسيء إلى العلاقة مع الدولة اللبنانية ثانيا، ويستدرج تدخلات خارجية.

 

وبالعودة الى الحراك العربي والدولي المتجدد تجاه لبنان، فان كافة المؤشرات تُظهر أن هناك استعدادا دوليا لدعم لبنان، لكن وفق شروط لا تقبل التفاوض، فلا دعم بلا سيادة، ولا مساعدات بلا إصلاح، ولا إصلاح بلا حصرية السلاح بيد الدولة.

 

لذلك فان كل تأخير في هذا الملف هو تأخير متعمّد في إعادة بناء الدولة، واستمرارها في مرحلة شلل وانهيار.

 

اما كل محاولات المماطلة لملف السلاح غير الشرعي وبحجج مختلفة، هي مساهمة مباشرة في ضرب آخر ما تبقى من مقومات الكيان.

 

فالفرصة اليوم متاحة امام لبنان اكثر من اي وقت مضى،في ظل المتغيرات الإقليمية والانفتاح الدولي على الدولة اللبنانية، فكلها عوامل مهمة وأساسية يمكن البناء عليها ولكن بشرط أن تُترجم بخطوات استباقية جريئة واتخاذ قرار نهائي بسحب السلاح من خارج الدولة، فلسطينيا ولبنانيا، وتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته، لا سيما بسط سلطة الدولة الكاملة على أراضيها.

 

وعندها يكون لبنان قد وضع خطواته الثابتة لاستعادة قراره السيادي، باعتبار ان بقاء السلاح خارج الشرعية هو التهديد الحقيقي، ليس فقط للسلم الأهلي، بل للكيان اللبناني كله.

 

 

اذا المرحلة لا تحتمل التأجيل، لا طاولات حوار جديدة، ولا مناورات لغوية، ولا قرارات تبقى حبرا على الورق، المطلوب فقط قرار سيادي واضح، وذلك من خلال وضع خريطة طريق لتفكيك كل الترسنات المسلحة التي تزعزع الاستقرار وتمنع الاصلاح ، لانه اذا لم يبدأ لبنان بخطة واضحة وفعلية لحصر السلاح بيد الدولة ،فهو لا يمكنه ان يسترد ثقة العالم ولا ان يستعيد مكانته الدولية، وبالتالي سيبقى الوضع الاقتصادي في حالة انهيار وشلل لا محدود.

فالفرصة قد لا تتكرر اذا لم تتحرك الدولة الان.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!