صيغة الكابيتال كونترول والفوضى النقدية

يفترض باقتراحات القوانين المالية التي تناقش في البرلمان وتحديدا في لجنة المال ان تحقق المرجو منها على الصعيد المالي والمعيشي في ظل الأزمات النقدية والاجتماعية والاقتصادية التي يغرق فيها البلد منذ ما بعد خريف العام 2019،

لكن الواقع التشريعي لطالما اخذ الامور الى منحى اخر يساوي بين الدولة ومنظومتها والمصارف على حساب المواطن، مراعاة للتوازنات والحسابات السياسية والمالية.

المنطق يقول إن المطلوب من المجلس النيابي الكثير من القوانين التي تُعيد الواقع الاقتصادي، والمالي والنقدي إلى طبيعته. لكن المُشكلة أن هناك حاجة لحكومة تملك تصورا لخطّة النهوض، تكون فيها هذه القوانين جزءا لا يتجزأ من عملها ا وبنفس الوقت مُتجانسة في ما بينها.

لكن في ظل غياب الحكومة من سيقوم بتطبيق هذه القوانين؟ هذا السؤال مشروع خصوصًا أن الأفق السياسي مُظلم حتى الساعة ورفع الدعم أصبح قريبًا.

من هنا يبدو للكثير من السياسيين والخبراء الاقتصاديين ان الاوان قد فات لإقرار اقتراح قانون “الكابيتال كونترول” وأن إقراره بات لزوم ما لا يلزم.

وفي هذا الإطار علم أن اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة المال والموازنة والتي تمثل الكتل النيابية الأساسية أنهت اجتماعاتها مع مصرف لبنان وجمعية المصارف ولجنة الرقابة على المصارف ومن المتوقع أن تعقد اجتماعها الاخير في الساعات المقبلة لإقرار الصيغة النهائية لقانون” الكابيتال كونترول”

علما ان النقاط التي لا تزال عالقة هي سقف التحويلات الى الخارج، وسقف الفحوصات الداخلية النقدية و تسديد القروض السكنية في الخارج، ومع ذلك فإن الامور مسهلة كما تقول مصادر نيابية في اللجنة،

متوقعة ان تسلك الصيغة طريقها من اللجنة الفرعية الى لجنة المال فاللجان المشتركة من دون أية عراقيل.

واذا كان تحرّك مجلس النواب ، بحسب الخبير الاقتصادي والمالي جاسم عجاقة  “جاء تحت ضغط الرأي العام خصوصًا أن الانتخابات النيابية أصبحت على الأبواب،

فإن هذا القانون هو أساسي لمنع الإستنسابية في التعاطي مع المودعين ولكي يكون هناك مساواة أمام القانون كما يكفله الدستور،

لأن “الكابيتال كونترول” الحالي المُطبق من قبل المصارف هو حالة شاذة، وبالتالي لا يُمكن القول أن الأوان فات،

إلا أنه يُمكن القول أن الإستفادة للمودعين كانت لتكون أكبر بكثير لو تمّ التصويت على هذا القانون في تشرين الأول من العام 2019.

وليس بعيدا فإن المُشكلة تكمن، بحسب عجاقة، في الصيغة المطروحة للكابيتال كونترول، فهي تحوي على الكثير من العيوب المالية والقانونية، وتمويل الإستثناءات تأتي في طليعة هذه العيوب.

وبالتالي فإن المعضلة الأساسية هي في أن إقرار المشروع بصيغته الحالية ستؤدّي إلى فوضى نقدية مع إنفجار الكتلة النقدية بشكل غير مسبوق!!

أضف إلى ذلك تشريع تحرير سعر الصرف وهو أمر مرفوض في ظل غياب بديل مثل البطاقة التموينية التي يرفض الرئيس حسان دياب إقرارها.

أيضًا يُمكن ذكر مُشكلة الحسابات بالدولار التي تمّ تحويلها من الليرة قبل العام 2016 والتي ستخلق مشاكل قانونية عميقة.

ولا يُمكن نسيان مُشكلة “الأموال الجديدة” التي ستصبح مصطلحا جديدا في القانون اللبناني مع ما لذلك من تداعيات قانونية.

وربطا بكل ما تقدم فان اقتراح استرداد الأموال المحوّلة بعد 17 تشرين 2019، دونه عقبات، فالاقتصاد اللبناني إقتصاد حرّ ولا يُمكن إقرار قوانين بمفعول رجعي.

واعتماد عجاقة فإن الطريق الأساسية لإسترداد الأموال المُحوّلة هو عبر هيئة التحقيق الخاصة والقانون 44/2015 حيث يُمكن البحث بالمصادر غير الشرعية للأموال والتي تضّمن للدولة اللبنانية تجميد الحسابات لأصحاب هذه الأموال في كل دول العالم الموُقّعة على معاهدات مُكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب،

وبالتالي يتوجّب على أي قانون حول إسترداد الأموال المُحوّلة أن يتمحوّر حول القانون 44/2015 وعمل هيئة التحقيق الخاصة.

ليبقى الأكيد ان الدستور اللبناني يكفل حرية نقل الأموال من لبنان واليه، وبالتالي لا مُخالفة قانونية للتحاويل، إنما هناك إستنسابية تطال المصارف وليس أصحاب التحاويل.

إلا أن الباب الذي يُمكن من خلال ملاحقة أصحاب التحاويل هو من باب القانون 44\2015 والذي يسمح، من دون المسّ بحرية الفرد الاقتصادية،بان تتم إستعادة قسم من هذه الأموال المُحوّلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!