في زمن الانهيار والدمار… “ح.زب الله” يبني ضريحًا لنص.رالله بقيمة 94 مليون دولار

في وقتٍ لا تزال فيه القرى الجنوبيّة والبقاعية، إضافة إلى شوارع الضاحية الجنوبية لبيروت، تُظهر آثار الدمار الذي خلفته الحرب الأخيرة مع إسرائيل، وبينما تبقى آلاف العائلات بلا مأوى أو تنتظر تعويضات الترميم، كشفت تقارير إعلامية عن مشروع ضخم بدأ “حزب الله” التحضير له، يتمثل في إقامة ضريح ومجمع ديني لأمينه العام السابق حسن نصرالله، على طريق مطار رفيق الحريري الدولي.

 

وبحسب المعلومات المتداولة، بلغت تكلفة شراء الأرض المخصصة للضريح نحو 44 مليون دولار، فيما قُدّرت كلفة الإنشاءات الجارية حتى الآن بـ 50 مليون دولار، مع توقّعات بارتفاعها مع توسّع المشروع الذي يتضمن مسجدًا، حسينية، باحة ضخمة، ومرافق لخدمة الزائرين.

 

لكن السؤال الذي يطرحه عدد من المتابعين لا يتعلّق فقط بكلفة المشروع، بل بمصدر هذه الأموال في ظل الانهيار الاقتصادي في لبنان، وحرمان بيئة الحزب من أبسط مقومات إعادة الإعمار. إذ يتساءل كثيرون: أليس الأَولى بـ”حزب الله” أن يرمّم بيوت الناس قبل أن يُقيم لنصرالله مرقدًا فاخرًا؟

 

 

 

أما بالنسبة للأموال التي رُصدت للمشروع، فلا يخفى على أحد أن “حزب الله” يعتمد منذ تأسيسه على دعم مالي مباشر من إيران، يُقدّر بمئات ملايين الدولارات سنويًا، وفق تقارير دولية واستخباراتية. غير أن طبيعة استخدام هذه الأموال تعكس أولوية سياسية وإيديولوجية واضحة، تقوم على ترسيخ النفوذ من خلال بناء الرمز، لا البنية التحتية.

 

ففي حين يتردى الوضع المعيشي في الضاحية الجنوبية وقرى الجنوب والبقاع، وتنهار أدنى مقومات الحياة، تُضخ ملايين الدولارات في مشاريع تُظهر “السطوة الرمزية” للحزب، مثل مجمعات الشهداء، المتاحف العسكرية، وأخيرًا ضريح نصرالله.

 

من هنا، يرى مراقبون أن هذا الضريح ليس مجرد مشروع ديني محلي، بل جزء من سياسة عقائدية – أمنية تسعى إيران إلى ترسيخها على مشارف بيروت، بما يخدم استمرارية مشروع “المقاومة” بأبعاده الإقليمية والرمزية.

 

 

واللافت، حتى الآن، أن الدولة اللبنانية لم تصدر أي موقف رسمي حيال هذا المشروع، رغم حجمه وتأثيره الديموغرافي والعمراني والاقتصادي، لا سيما وأنه يقع ضمن نطاق بلدية الغبيري. كما تغيب التعليقات عن القوى السياسية المتحالفة مع الحزب.

 

في المقابل، بدأت تظهر بعض الأصوات الشيعية المنتقدة عبر منصات التواصل الاجتماعي، لا سيما من السكان الذين فقدوا ممتلكاتهم نتيجة الحرب الأخيرة، بعدما كان الحزب يعدهم بالحماية والصمود. لكنّه، في نظرهم، يبدو اليوم أكثر اهتمامًا بتخليد زعيمه، على حساب إعادة بناء بيوتهم وضمان مستقبلهم.

 

وفي هذا السياق، فإن التقرير الذي عرضته قناة “الجديد” مساء أمس، لم يكن يهدف إلى المسّ بحسن نصرالله، بل إلى تقديم نصيحة للحزب باستخدام هذه الأموال لإعادة الإعمار ومساعدة الناس في هذه الظروف الصعبة، خصوصًا بعد أن خسروا كل شيء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!