مصيـــ.ــرٌ أسود… كما في أوكرانيا كذلك في لبنان

كتبت سينتيا سركيس في موقع mtv:

 

لا تُبحّ أصواتُ الاوكرانيين الرافضينَ للاجتـــ.ــياحِ الروسي لبلادهم، كما لا تتلكؤ أكتافهم عن حملِ ما تيسّر من أسلحـــ.ــةِ أو معدّات يمكنُ استعمالها للدفاع عن بلادهم…

 

مثلهم تماما فعلَ اللبنانيون يوما، حينما أُشبعت بلادهم احتـــ.ــلالات وغـــ.ــزوات… وظلم. التجربتان تتشابهان كثيرا، بالظلم كما بالصمود… ومصيبتهما واحدة “لعنة الجيران”.

 

قد يكونُ تاريخنا وحاضرنا حافلان بما لا يمكنُ لشعب تحمّله، فمآسينا نحن لا تتوقفُ عند جيراننا اللدودين، إنما أيضا بحكّامٍ ومسؤولينَ استثنائيين نهـــ.ــبوا وبطـــ.ــشوا واستبـــ.ــدّوا…

 

حتى أنهم فجّـــ.ــروا عاصمتنا ولم يخجلوا. إلا أن بعضا من التجربة الاوكرانية يُشبه إلى حدٍّ بعيد ما عاشهُ اللبنانيون يوما.

 

فالثورةُ التي اندلعت في أوكرانيا عام 2014، أو ما عُرف بثورة الميدان الاوروبي، للمطالبة بإسقاط الرئيس فيكتور يانوكوفيتش، أهدرت فيها الكثيرُ من الدماء،

 

وشهدَ العالمُ أجمع على صمود الاوكرانيين وعنادهم، بعدما تحدّوا الطقسَ البارد والثلوج، ولم ييأسوا أمام المـــ.ــواجهة الشرسة التي خاضتها ضدهم قوات مكافـــ.ــحة الشغـــ.ــب.

 

لم يستسلموا حتى تحقيق ما أرادوا، حينما فرّ يانوكوفيتش إلى روسيا… نَفَسُهم كان أطول… فاللبنانيون ثاروا أيضا في الـ 2019، وملأوا الشوارع والطرقات،

 

سقطَ منهم عددٌ من الضحـــ.ــايا وآخرون فقـــ.ــدوا عيونهم وأصيـــ.ــبوا إصـــ.ــابات بالغة في أجسادهم بفعل الرصـــ.ــاص المطاط الذي أطلق عليهم…

 

اللبنانيون أيضا ثاروا للمطالبة برحيل من يستبدّ بهم ويرميهم في جهـــ.ــنّم العـــ.ــذابات التي لا تنتهي، غير أن ثورتهم بقيت ناقصةً وسط الترهـــ.ــيب الذي عاشوه والتوقيفات التي شملت أيضا من غرّد وعبّر عن رأيه.

 

في لبنان، عاشَ السياسيون لفترة أسرى منازلهم، بعدما تحوّلت النقمةُ عليهم إلى ملاحقاتٍ في المطاعم وعلى الطرقات وأينما وُجدوا… في أوكرانيا أيضا، عاشَ السياسيّون رعبا أكبرَ، لا بل حصل بعضهم على ما يستحقّه،

 

بعدما تحوّلوا إلى هدفٍ للأوكرانيين الذين رموا كل سياسيّ صادفوه ومرتبطٍ بأعمال فساد… في مستوعبات النفايات، هذه المستوعبات التي تليقُ كثيرا بالفاسدين في لبنان.. وما أكثرهم.

 

اليوم يحـــ.ــاربُ الأوكرانيون بكلّ قوتهم للدّفاع عن بلادهم، مستمدّين صمودَهم من صمودِ رئيسهم فولوديمير زيلنسكي الذي لم يبارح البلادَ ومصرّ على المواجهة، فيما العالمُ كلّه يتفرّج…

 

مثلهم تماما فعلَ اللبنانيون يوما، في سبعينيّات وثمانينات القرن الماضي، حينما هبّوا للدفاع عن بلادهم، حملوا الســـ.ــلاح رجالا ونساء وطلابا، وسط تفكّك الدولة  والاحتـــ.ــلال السوري… والعالم يومَها أيضا تفرّج!

 

الجميعُ اليوم يصلّي لأوكرانيا ويترقّب ما ستكون عليه نتيجةُ الحـــ.ــرب الضاريـــ.ــة التي تطـــ.ــيحُ البشرَ والحجر، ونحنُ أيضا في لبنان، الغـــ.ــارقونَ في جلجلةٍ لا تنتهي من النكبات، نتابع ما يحصلُ هناك ونصلّي لنا ولهم، فصمودُهم كما صمودُنا في كلّ يوم، متعبٌ ويَقهُر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!