مطار ومرفأ بيروت..لبنان أمام مفترق طرق

لسنين مضت، شكّل مطار رفيق الحريري الدولي ومرفأ بيروت نافذة حيوية للبنان إلى العالم، من خلال دعم السياحة والاستيراد والتصدير، إلا أن ضعف الحكومات السابقة سمح لحزب الله باختراق المطار والمرفأ عبر زرع خلايا “إدارية” تابعة له، حوّلتهما إلى ممرات خلفية لتهريب السلاح والأموال إلى الحزب، وتهريب المخدرات من لبنان إلى دول الخليج والعالم.
لطالما تلقت الحكومات المتعاقبة تحذيرات دولية متكررة من مغبة التهاون في ضبط هذين المنفذين الحيويين، أو السماح لحزب الله بالتحكم بهما، غير أن الفساد المستشري وسلاح الحزب غير الشرعي شكّلا أرضية خصبة لتحوّل الدويلة إلى سلطة موازية تقضم مؤسسات الدولة.
فقد استخدم حزب الله المطار لتهريب الأموال ونقل شخصيات مشبوهة ومواد محظورة، محتميًا بسلاحه ونفوذه داخل المرافق الحيوية، دون أي اعتبار للقانون أو لسيادة الدولة.
لكن مع انطلاق العهد الجديد في لبنان، بدأت الدولة تستعيد دورها، عبر إعطاء الصلاحيات اللازمة للمؤسسات الأمنية والعسكرية لضبط أمن المطار والمرفأ، ووضع حدٍّ حاسم للتجاوزات الخطيرة التي كان حزب الله يشرف عليها ويديرها من داخل تلك المنشآت.
ووفقاً لتقارير غربية فقد اضطر حزب الله مؤخراً للتنازل عن السيطرة الأمنية في مطار رفيق الحريري الدولي وفي مناطق أخرى كان يهيمن عليها منذ سنوات، بفعل التغيرات الميدانية والضغوط السياسية المتصاعدة.
كما أظهرت التقارير أن الحكومة اللبنانية حققت تقدماً ملموساً في مكافحة تهريب الأموال والأسلحة من إيران، من خلال تشديد الإجراءات الأمنية في المطار ومنع الرحلات القادمة من طهران، لإنقاذ الموسم السياحي والاقتصاد اللبناني من براثن العزلة والانهيار.
ولعل ما جرى من دمار هائل لمطار صنعاء الخاضع للحوثيين في اليمن، بعد تحوله إلى منصة عسكرية، يحتم على الدولة اللبنانية تسريع إجراءات فرض السيادة الكاملة على مطار بيروت، ومنع الحزب من استخدامه كمنصة عسكرية جديدة قد تعرّض لبنان لضربات مشابهة.
فـحزب الله يدفع بلبنان يومًا بعد يوم نحو الهاوية، مختبئًا خلف مؤسسات الدولة لجرّها إلى حرب لا يريدها أحد، ومستخدمًا المرافق الحيوية كجبهات عسكرية مفتوحة في مواجهة الخارج.
لبنان اليوم أمام فرصة تاريخية في عهد جديد، يتقاطع مع مناخ دولي داعم لاستقرار المنطقة، وبداية موسم سياحي قد يكون المتنفس الأخير للبنانيين، فإما أن تستكمل الدولة استرداد سيادتها على كامل المرافق، أو تبقى رهينة “الحزب” الذي لا يملك سوى طريقٍ واحد: الدمار والخراب.