ميقاتي “حكي الجارة لتسمع الكنة”… من هم هؤلاء المخطئون؟

تخّلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمس الأول، في كلمته في إحتفال اطلاق الرزمة السياحية الشتوية، عن قفازاته ولغته الهادئة.

 

توجّه إلى الجميع من دون إستثناء، وبالأخصّ إلى من تحت إبطهم مسّلة تنعرهم، وفي إعتقاده أن اللبيب الذي يفهم عادة من الإشارة من المفترض أن يفهم جيدًا ما أراد إيصاله من رسائل،

 

حتى أنه لم يمشِ بين النقاط، بل وضعها على كل الحروف، النافر منها وغير النافر.

 

ومما قاله، وفيه الكثير من العبر لليوم وللغد، أن “البلاد لا تدار بلغة التحدي والمكابرة بل بكلمة سواء تجمع اللبنانيين وتوحّدهم في ورشة عمل واحدة لانقاذ وطنهم، ومخطئ مَنْ يعتقد أنه قادر على فرض رأيه بقوة التعطيل والتصعيد الكلامي على المنابر.

 

ومخطئ ايضًا مَنْ يعتقد أنه يمكنه اخذ اللبنانيين الى خيارات بعيدة عن تاريخهم وعمقهم العربي وعلاقاتهم الوطيدة على كل الصعد مع الدول العربية ودول الخليج خاصة ومع المملكة العربية السعودية تحديدًا .ومخطئ أيضًا مَنْ يعتقد أنه،

 

وفي لحظة تحولات معينة لم تتضح معالمها النهائية بعد، يمكنه الانقلاب على الدستور واعادة الوطن الى دوامة الاقتتال الداخلي والانقسامات التي لا نزال ندفع ثمنها غاليا حتى اليوم”.

 

لم يسمِّ أحدًا بالإسم. إكتفى بإستعمال كلمة “مخطىء”. هذه الكلمة تنطبق على كثيرين، وبالأخصّ على الذين يعطّلون العمل الحكومي لألف سبب وسبب.

 

عطّلوه بالأمس ويعطّلونه اليوم، وقد يعطّلونه غدًا. المعطّلون كثر. من هذا الفريق أو ذاك. ولكل منهم غاياته وأهدافه وأجنداته الداخلية وإرتباطاته الخارجية.

 

من يحاول التعطيل وهو خارج الحكومة قد تكون تصرفاته مفهومة ومبررة إلى حدّ ما، مع العلم أن الجميع هم على مركب واحد.

 

فإذا غرق هذا المركب يغرق الجميع معه. أمّا أن يكون التعطيل من داخل الحكومة فهذا ما لا يمكن “هضمه” أو تفسيره،

 

حتى ولو كانت وراء هذا التعطيل أسباب لها علاقة مباشرة بإحداثيات خاصة بالمعطّل أو نظرته إلى الأمور، التي لها إرتباطات بما يمكن أن يسلكه المسار القضائي،

 

أيًّا يكن المحقّق العدلي، سواء بقي القاضي طارق البيطار في منصبه أو تمّ تغييره بالقانون وإستبداله بقاضٍ آخر لإستكمال التحقيقات التي كان قد بدأ بها من سبقه، ولكن وفق معايير قانونية واضحة ومن دون إستنسابية.

 

التعطيل غير مسموح به، أيًّا تكن الأسباب والمبررات، لأن البلاد لا تحتمل اليوم المزيد من صبّ الزيت على النار. فما كان جائزًا بالأمس لم يعد مسموحًا به اليوم.

 

بالأمس كان الوضع لا يزال متماسكًا، إقتصاديًا وماليًا. أمّا اليوم فإن أي هزّة، ولو خفيفة،

 

قد تطيح بالجميع وتودي بهم إلى قعر الهاوية. فالبلاد واقفة على “صوص ونقطة”، وهي على “حافة المهوار”، وبالتالي فإن الرقص على هذه الحافة محفوف بمخاطر كثيرة.

 

“ما تهزّوا البلد لأنو واقف على الشوار”.

 

فهل يحتاج المخطئون إلى كلام غير الكلام الذي قاله الرئيس ميقاتي؟

 

هو لم يحكِ الجارة لتسمع الكنّة. بل وجّه كلامه مباشرة إلى جميع “الكناين”. والمقصود القول أن على هذه “الكنّة” ان تراجع حساباتها جيدًا للحفاظ على البيت، حتى لا يخرب بسبب الخلاف على أمور قد تكون بالمفهوم العام غير ذي جدوى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!