هل يقتنص برّي الفرصة فيفتح النقاش حول قانون الانتخابات

منذ أشهر طويلة، حاول رئيس مجلس النواب نبيه بري إعادة النقاش في البلاد حول قانون الانتخاب ووجوب تعديله في ضوء “الثغرات” التي كشفتها الانتخابات الأخيرة التي جرت بموجبه،

فدعا إلى جلسات للجان المشتركة حوله، وجالت كتلته النيابية على القوى السياسيّة لتقدّم مشروع قانون جديدًا، يوسّع مفهوم النسبيّة، ويعتمد لبنان دائرة انتخابيّة واحدة.

يومها، تصدّى لرئيس البرلمان فريقان أساسيّان، هما “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، فرفضا أيّ بحثٍ بتعديل قانون الانتخابات شكلاً ومضمونًا، حتى أنّهما لم يتردّدا في “تطيير” نصاب البرلمان منعًا لأيّ نقاش لا يريدانه،

معتبرين أنّ القانون النسبيّ لم يُجرَّب بما فيه الكفاية، ولا يمكن تعديله بعد جولةٍ انتخابيّة واحدة.

وخلف هذه الحُجّة، التي تتقاطع مع “ارتياح” هذين الفريقين للقانون الذي وُصِف يومًا بأنّه “مفصَّل على قياس” البعض، ثمّة في صفوفهما من “جاهر” بأنّ الهاجس الحقيقيّ يكمن في “المشاريع المطروحة”،

ولا سيّما ما يتعلق باعتبار لبنان دائرة انتخابية واحدة، وهو ما يمكن أن يؤدّي إلى “غلبة” فريق على آخر طائفيًا.

“التيار” يريد التعديل؟

اليوم، يبدو أنّ تغييرًا طرأ على الصورة العامة، بحيث يبدو أنّ “التيار الوطني الحر” هو من سيدفع باتجاه تعديل قانون الانتخابي، ولو من زاوية أخرى غير التي يستسيغها بري، وانطلاقًا من “ثغرات” اكتشفها فيه،

يمكن أن تؤدّي إلى “تعطيل” الانتخابات الفرعيّة المفترض بسبب شغور عشرة مقاعد في البرلمان الحاليّ.

فعندما يُسأَل “العونيّون” عن سبب عدم توقيع رئيس الجمهورية على مرسوم إجراء الانتخابات الفرعية رغم أنّ الاستحقاق “واجب دستوري” لا نقاش فيه، يحيلون السائل فورًا إلى “ثغرة” في القانون، تتعلق بالحاصل الانتخابي،

الذي يتمّ تحديده عبر قسمة عدد المقترعين في كل دائرة انتخابية كبرى على عدد المقاعد فيها، بحسب ما ينصّ قانون الانتخاب، وبناءً عليه يتمّ تحديد اللوائح “المؤهّلة” للفوز.

ولأنّ عدد المقترعين في الدائرة سينقسم على عدد المقاعد، وهو ثلاثة فقط مثلاً في حالة الانتخابات الفرعية في المتن، فإنّ “العونيّين” يقولون إنّ الحاصل يصبح مرتفعًا جدًا، وربما “خياليًا” يستحيل لأيّ لائحة أن تحصل عليه حتى تفوز،

وهو ما “يوجب” برأيهم البحث بتعديل القانون قبل الذهاب إلى انتخابات فرعية، ولو أنّ مثل هذا النقاش ينبغي أن يتصدّى له مجلس النواب، لا رئيس الجمهورية.

نقاش “شامل” بالقانون

رغم “تقنيّة” الطرح “العونيّ” الظاهرة، يؤكد العارِفون أنّ “جوهر” الموضوع بالنسبة إليهم، ليس الرغبة بتعديل قانون الانتخاب، بقدر ما هو “تطيير” الانتخابات الفرعية، لخشيتهم من نتائج هذه الانتخابات، خصوصًا إذا ما عكست أجواء “تراجع الزخم والشعبية” التي قد تشكّل “ضربة” لهم في عزّ النقاش حول “الحيثية التمثيلية”.

لكن، ماذا لو ذهبوا حتى النهاية في طرحهم وأصرّوا على تعديل قانون الانتخاب؟ أيّ موقف سيّتخذه بري في هذه الحالة؟ هنا، يعتقد العارفون أنّ بري سيكون “مرحِّبًا”، ولو أنّه من دعاة إجراء الانتخابات الفرعية اليوم قبل الغد، ورافضي تأجيلها تحت أيّ ذريعة،

في موقفٍ يراه البعض “مبدئيًا”، فيما يربطه البعض الآخر بالعلاقة “الملتبسة” مع “التيار” و”النكايات المتبادَلة”، أو ما يسمّيها البعض مَجازًا، بـ”الكيمياء المفقودة”.

لكنّ ثمّة بين المحسوبين على بري من ينبّه سلفًا إلى أنّ “فتح” باب تعديل قانون الانتخاب سيكون شاملًا، إذ لا يحقّ لأيّ طرف أن يحصره بنقطة أو مسألة معيّنة، بل سيكون من حق أيّ طرف أن يطرح التعديل الذي يشاء،

ومن واجب مجلس النواب مجتمعًا أن يناقشه، على أن يحسم التصويت المسائل، ما يطرح السؤال عمّا إذا كان “التيار” يمكن أن يقبل بهذا “السيناريو”، بل أن يذهب إليه بكلّ حزم وثبات.

يعتقد كثيرون أنّ “ورقة” قانون الانتخاب ستُطرَح على الطاولة عاجلاً أم آجلاً، وإن كان البعض يرجّح أن يُترك خارج النقاش حتى ما قبل الموعد المحدَّد للانتخابات النيابية،

بما يتيح “تبرير” تمديد جديد للبرلمان، يُدرس جدّيًا في الكواليس. فهل “يقرّب” توجّس “العونيّين” من الانتخابات الفرعية هذا النقاش؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!