2020 عام الانهيار المالي والإقتصادي والفــقر والتعتير والانفجار الكارثي… وكورونا

وُصف العام 2020 بالأسوأ الذي مرّ في تاريخ لبنان من الناحية الاقتصادية والمالية والاجتماعية حيث أمطر على اللبنانيين مصائب وأزمات متعددة ومتتالية قَلبت أوضاعهم المعيشية رأساً على عقب منذ اندلاع ثورة تشرين الاول 2019 التي فجّرت شرارة الأزمة المصرفية والمالية، لِيَجد المودعون أموالهم محتجزة لدى المصارف وتتطور أزمة شحّ الدولار وتقنين سحوباته النقدية، الى أزمة توقف السحوبات النقدية بالدولار بشكل كامل في آذار و»لَبننة» الودائع قصراً وتقييد السحوبات بالليرة.
تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية لغاية نهاية العام 2020 بنسبة 73 في المئة، ليحتلّ لبنان المرتبة الثالثة عالمياً ضمن لائحة الدول التي انهارت عملاتها مقابل الدولار بعد فنزويلا وزيمبابواي.

وقد أدّى انهيار سعر صرف العملة المحلية الى تعدّد أسعار الصرف في السوق، وسط وجود سعر الصرف الرسمي في المصارف عند 1515 ليرة مقابل الدولار، وسعر المنصة الالكترونية التي أنشأها مصرف لبنان من أجل تحديد سعر صرف الليرة مقابل الدولار المدعوم، والذي يتم على أساسه استيراد السلع المدعومة وفقاً لسِعر صَرف يبلغ 3900 ليرة. كما حدّد سعر صرف المنصة للسماح بالسحوبات النقدية بالليرة اللبنانية من الودائع بالدولار، ولكن ضمن قيود وسقوف محددة شهرياً. بالاضافة الى سعر السوق السوداء الذي ختم العام 2020 عند حدود 8400 ليرة مقابل الدولار بعد ان حقق رقماً قياسياً خلال العام عند حوالى 10 آلاف ليرة.

وأدّى تدهور سعر صرف الليرة وتعدّد أسعار الصرف بالاضافة الى احتجاز اموال المودعين في المصارف وتقييد السحوبات النقدية بالليرة الى تعميم مصطلحات جديدة في السوق للسيولة النقدية والودائع المصرفية:

– أُطلق اسم «لولار» على الودائع بالدولار المحتجزة في المصارف، والتي لا يمكن استخدامها سوى من خلال الشيكات المصرفية او التحويلات المحلية.

– أطلق اسم «بيرا» على الودائع بالليرة المحتجزة أيضاً في المصارف بسبب تقييد حجم السحوبات الشهرية.

– أطلق اسم «شولار» للشيكات المصرفية بالدولار التي يتم بيعها وشرائها بقيمة تقلّ بنسبة 60 في المئة عن قيمتها الحقيقة مقابل fresh dollar، أي السيولة النقدية بالدولار.

ومن ابتكارات سحب الاموال المحتجزة في المصارف، باتت الشيكات المصرفية بالليرة تُباع وتُشرى بأسعار تقلّ حوالى 10 الى 15 في المئة من قيمتها الفعلية مقابل سيولة نقدية بالليرة.

وأدى إقفال المطار، كتدبير احترازي لمنع انتشار وباء كورونا في الفصل الثاني من العام، دوراً في انهيار سعر صرف الليرة مقابل الدولار مع انخفاض حجم السيولة النقدية من العملة الصعبة الوافدة من الخارج الى لبنان وإصدار المصرف المركزي تعميماً يفرض تسديد الاموال المحوّلة من الخارج الى لبنان عبر شركات التحويل المالية بالليرة اللبنانية حصراً، ما أدّى في النتيجة الى بلوغ سعر الصرف ذروة الـ10 آلاف ليرة مقابل الدولار.

تَقلّص حجم الودائع
بعدما أيقن المودعون أنّ أموالهم ستبقى محتجزة في المصارف وانّ عملية الاقتطاع منها سارية المفعول نتيجة سحب الودائع بالدولار على سعر صرف 3900 ليرة، عَمدَ معظمهم الى شراء العقارات والسلع الفاخرة لتهريب كافة مدّخراتهم المحتجزة لدى المصارف، ونشطت إثر ذلك عمليات البيع العقارية، والتي أدّت في النتيجة الى تراجع إجمالي حجم الودائع بالدولار في القطاع المصرفي بقيمة 30 مليار دولار الى حوالى 120 مليار دولار، واستخدم 20 مليار دولار منها لتغطية ديون القطاع الخاص للمصارف ما أدّى الى تراجع محفظة ديون القطاع المصرفي من 55 مليار الى 35 مليار دولار، في حين يقدّر حاكم مصرف لبنان انّ هناك 10 مليارات دولار مخزّنة في المنازل.
ومع نهاية العام 2020 تمكّن معظم المطوّرين العقاريين من سداد ديونهم للقطاع المصرفي نتيجة عملية البيع التي تمّت بواسطة الشيكات المصرفية بالدولار بأسعار تفوق أضعاف القيمة الفعلية للشقق او العقارات. وقد سجّل حجم التسجيلات العقارية في الدوائر المالية ارتفاعاً بنحو 85 – 90 % مقارنةً مع العام الماضي، منذ بدايات 2020 ولغاية شهر أيلول 2020.

أزمة التحويل الى الخارج
أدّى تقييد حركة التحاويل، رغم عدم إقرار أي قانون لضبط رؤوس الاموال (capital control)، الى بروز أزمتين: الأولى ما عُرف بالدولار الطالبي. فمع توقّف العمل بالبطاقات الائتمانية خارج لبنان، عجز أهالي الطلاب عن تحويل الاموال الى ذويهم لدفع الاقساط الجامعية ما دفعهم الى التحرّك والاحتجاج امام مصرف لبنان مرات عدة، الى أن صدر في الجريدة الرسمية في تشرين الثاني القانون الرقم 193 المتعلق بإلزام المصارف العاملة في لبنان بصرف مبلغ 10 آلاف دولار اميركي وفق سعر الصرف الرسمي للدولار عن العام 2020-2021 للطلاب اللبنانيين الجامعيين الذين يدرسون في الخارج. لكنّ شكاوى الأهالي ما زالت قائمة لغاية اليوم نتيجة عدم امتثال المصارف للقانون.

كذلك، تأثرت العمالة الأجنبية، وخصوصاً عاملات المنازل، بشح الدولار وعدم قدرة مُشغّليهم على دفع الدولار، ما دفع الكثيرين منهم الى مغادرة لبنان. وفي السياق، أصدر المركزي تعميماً سمح بتوفير الدولار للعمال الاجانب على سعر المنصة 3900 ليرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!