حكومة الرئيس ميقاتي تحـــــديات كبيرة وبعض المآخذ

من رحم الانهـــــيار والأوجاع التي يعيشها اللبنانيون ولدت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، لتشكل بارقة أمل لمواطنين تحملوا كل أنواع الذل في وطنهم الذي كان على مسؤوليه أن يؤمنوا أبسط الحقوق الإنسانية.
الكلام عن الماضي لم يعد يفيد كثيرًا والتطلع الآن إلى المستقبل مع الحكومة الجديدة. المهمة عليها أن تكون وطنية – إنقاذية بالمقام الأول وهي ليست سهلة بطبيعة الحال في ظل التحـــــديات الكثيرة التي تواجهها .
والوقت الذي لا يحتمل التأجيل قبيل نحو 9 أشهر من الانتخابات النيابية التي يفترض أن تجرى في أيار من العام المقبل.
التبريكات ،تزامنًا مع الولادة الحكومية، بدأت تنهال من كل حدب وصوب فور تشكيلها. 24 وزيرًا وزعت عليهم الحقائب وفق مراعاة طائفية من دون أن يكون هناك ثلث معطل لأي طرف سياســـــي . ولكن رغم إيجابية تشكيلها لم تغب عن الحكومة بعض المآخذ.
مصادر سياســـــية متابعة لملف التشكيل أكدت أنه على الوزراء الجدد في المقام الأول أن لا يكونوا تابعين للمنـــــظومة السياسيـــــة التي دمرت البلاد لكي يثبتوا أنهم يعملون للمصلحة الوطنية وليس للمصلحة الحزبيـــــة والطائفية،
لافتة إلى أنه ليس من المعيب أن يكونوا الوزراء سياسيـــــين ولكن المعيب أن يكونوا مقيدين بالمـــــنظومة السياســـــية وغير اختصاصيين.
وإذ أشارت إلى إيجابية تشكيل الحكومة ولو بعد تأخير دام أكثر من سنة، رأت أن عددًا من الوجوه التي تم تعيينها في مناصب وزارية معينة لا تتمتع بالقدر العلمي المناسب.
وأكدت المصـــــادر أن على الحكومة الجديدة “أن تعالج القضايا الحياتية المباشرة والانهـــــيار الذي نواجهه فأمامها مسألة نقص المحـــــروقات والأدوية ومعالجة الكهرباء، كما عليها أن تبدأ بالتفاوض الجدي مع صندوق النقد الدولي.
وترفع الدعم بشكل كامل وتطلق البطاقة التمويلية على أن لا تكون بطاقة انتخابية وتعمل لكي تغير الانطباع السائد لدى الناس في ما يتعلق بالمحاصصة من أجل الانتخابات والمزيد من الصفقات والاستفادة على دهر المال العام”.
فموضوع إعادة بناء الثقة مع الشعب المفقودة ،وفق المصـــــادر، بسبب الأوضاع التي وصل إليها وهي من أبرز الأمور التي يجب على الحكومة تحقيقها.
وتطرقت المصـــــادر إلى ملف النازحين السوريـــــين، مشيرة إلى أن على هذه الحكومة أن تعيد فتحه “خصوصًا وأنها
تضم وجوها كثيرة من 8 آذار بشكل أساسي مع رئيس الجمـــــهورية وبالتالي عليها أن تعيد فتح ملف النازحين السورييـــــن وتحل هذه المشكلة،
لأن الوضع مناسب إقليميًّا للتعاطي مع النـــــظام الســـــوري ولكن على الوزراء الذين من المفترض أن يتولوا هذا الأمر أن يكون لديهم مناعة وكرامة وطنية للتعاطي من موقع الند بالند مع النظـــــام الســـــوري وليس من موقع التابع”.
ملف آخر شددت المصـــــادر على ضرورة استكماله بشفافية يتعلق بالتحقيق بانفـــــجار بيروت، مشيرةً إلى أنه على الحكومة أن لا تعيق أو تعطل عمل المحقق العدلي،
ومؤكدة أنه إذا تم استمرار “تعطيل التحقيق بحجة اقتراحات رأيناها سابقًا في المجلس النيابي فهنا ستكون المشكلة مع المجتمع المدني لأن هذا الموضوع هو خط أحمر بالعلاقة مع أي حكومة”.
وفي ما يتعلق بتعاطي المجتمع الدولي مع الحكومة، أشارت المـــــصادر إلى أنه سوف “يتعاطى بواقعية وإيجابية مع هذه الحكومة في حال قامت ببرنامج جدي وليس ببرنامج لتضييع الوقت ،
ما يعني ان أفعال الحكومة يجب أن تدل عليها ولكن في حال غطت من جديد على المنظومة فهنا ستكمن المشكلة”.
إذًا الوضع دقيق واستثنائي، ولا مجال لمزيد من مضيعة الوقت. صحيح أن الوضع كارثـــــي لكن “على قولة” الرئيس ميقاتي “معالجته غير مستحيلة اذا تضامننا نحن اللبنانيين وشبكنا أيادينا ببعضها”.