“آخ”… ماذا فعلتم ببلدي؟

لو كان الفنان “شوشو” لا يزال على قيد الحياة فما عساه كان ليقول عن بلد لم يعد بلدًا؟ كان سيطلق من جديد  صرخة من القلب في وجه جميع الذين أوصلوا لبنان، درّة الشرق، ومستشفى الشرق، وجامعة الشرق، إلى ما وصل إليه، ويردّد “آخ يا بلدنا”!

 

“آخ” على حكّام هذا البلد. “آخ” تطلع من قلب محـــــروق يرى بلده ينـــــهار ولا يستطيع أن يحرّك ساكنًا.

 

هذه الـ”آخ” نسمعها كل يوم، وفي كل مرّة يقفز فيها الدولار وتتهاوى فيها القيمة الشرائية لليرة اللبنانية، التي كانت في وقت من الأوقات تنافس العملات الصعبة.

 

ومن منّا لا يذكر كيف كان اللبناني يشتري بليرته في قلب “الشانزليزيه”، حين كانت قيمتها ضعف قيمة الفرنك الفرنسي، قبل “اليورو”.

 

هذه الـ “آخ” التي لا يسمعها المسؤولون عمّا آلت إليه حالنا، نسمعها مدّوية في كل مرّة تقصد فيها ربّة البيت “السوبرماركت” أو الملحمة أو الصيدلية أو دكان الحيّ.

 

تدفع الملايين لأغراض لا تكفيها لمونة أسبوع.
هذه الـ”أخ” سمعها من طمأننا إلى أن العالم لن يترك لبنان ينهـــــار، وهو الذي يقف حائرًا، أو حجرًا بين شاقوفين،

 

إمّا أن يدعو مجلس الوزراء إلى الإنعقاد بمن حضر، وإمّا أن يقف عاجزًا أمام إصرار البعض على إستعمال الحكومة متراسًا لتمرير ما يراه مناسبًا أكثر لمصلحته الشخصية.

 

هذه الـ” أخ” سمعها أحد المقربين من الرئيس نجيب ميقاتي يقولها في قرارة نفسه، وهو الذي لا يزال يصبر ويجالد، عسى وعلّ.

 

يرى المشكلة واضحة أمام عينيه. ولكن في الوقت نفسه يرى مشكلة أكبر من الأولى في حال لبّى ما يطالب به رئيس الجمهورية وفريقه السياسي لجهة حضّه على دعوة مجلس الوزراء بمن حضر. فنكون عندها بمشكلة ونصبح بمشكلتين.

 

هذه الـ”آخ” قالها قائد الجيش العماد جوزاف عون في زيارته الأخيرة للولايات المتحدة الأميركية عندما سأله أحد النواب الأميركيين عن راتب العسكـــــري اللبناني الشهري،

 

والذي يقدّر بـ 60 دولارًا، ولم يكن سعره حينذاك قد تخطّى العشرين ألف ليرة. وقد أتاه الجواب محزنًا حتى الموت. قاله له: “يعني أن راتب شهري لكل عسكـــــري يساوي بدل راتب أي موظف أميركي لقاء عمل ساعتين.
كيف لا يقول “آخ”،

 

وهو يرى المستوى المعيشي المذّل الذي وصل إليه العسكـــــري والعامل والأجير والموظف؟
سمعت هذه الـ”آخ” على لسان كل من قرأ ما نشرته الخبيرة الإقتصادية دانيال حاتم عبر حسابها على “انستغرام” وهي كناية عن صورة تظهر فيها الفرق الشاسع بين كل من لبنان واستراليا من ناحية الراتب،

 

وعلقت بالقول: “إن  الحد الأدنى للراتب الأسبوعي في أستراليا يبلغ 772.6 دولاراً استرالياً، أي ما يعادل 556.27 دولاراً أميركياً في الأسبوع. وإذا احتسبنا فقط راتب ثلاثة أيام فيبلغ 334 دولاراً أميركياً.

 

وقارنت حاتم راتب الثلاثة أيام الأسترالي بالحد الأدني للراتب السنوي في لبنان الذي يبلغ حالياً 302 دولاراً أميركياً على سعر صرف 26800 ليرة لبنانية للدولار الواحد.

 

وبعد كل هذا وذاك إسمحوا لنا يا زعماء بلادي أن نقول “آخ”، وأن نعبّر عن وجعنا وعن حزننا وعن خيبات أملنا وعن قلقنا وعن خوفنا من الآتي، ويُقال لنا بأنه سيكون أعظم.

 

إسمحوا لنا أن نشطبكم من لوائحنا عندما تحين ساعة الحساب والحقيقة. إسمحوا لنا أن نقول إنكم دمـــــرّتم أحلامنا، وشوهـــــتّم رؤانا،

 

وأوصلتم لبناننا إلى الحضيض. إسمحوا لنا أن نصرخ في وجوهككم ونسألكم أمام الله والتاريخ: ماذا فعلتم ببلدنا، بلد الأرز والجمال، بلد جعله الله “قطعة من جنّته على الأرض”، قبل أن تحوّلوه إلى ما يشبه “جهـــــنم”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!