أطفال مدارس محيط الطيونة ودرس التاريخ الألعن

لعلّ الصور التي انتشرت للأطفال في المدارس الواقعة في محيط الإشـــــتباكات التي اندلعت في بيروت، وقد انتابهم الرعب من أصوات الحـــــرب الدائرة على مقربة منهم،

 

بقـــــنابلها وصواريـــــخها ورصـــــاصها، شكّلت الصور الأقسى والأوضح لبروفة “قبع” الدولة وتحطيم قضائها.
من دون أدنى شك،

 

ستكون تلك الصور الأكثر التصاقًا بذاكرة مئات الأطفال، لا بل كلّ أطفال لبنان، سواء الذين عايشوا ساعات الرعـــــب في المدارس،

 

أو الذين شاهدوا صور أبناء جيلهم وقد حُشروا في الأروقة للإحتماء من الرصـــــاص. تلك الصور، بما تحمل من تهـــــديد لحاضرهم ومستقبلهم، سترافقهم طيلة حياتهم،

 

لتجسّد في وجدانهم الجماعي خوفًا دائمًا من وطنهم، وعليه، وستزرع في اللاوعي لدى جيل كامل، فكرة البحث عن مكان آمن لأطفالهم في المستقبل،

 

كي لا يعيشوا اللحظات القاهرة نفسها، بعبارة أدق ستؤسّس لمسار البحث عن وطن بديل، يليق بأحلامهم وحقوقهم البديهيّة.

 

عشرات الأمهات أرسلوا لي صور الأطفال المرعوبين في المدارس أثناء اشتـــــباكات الطيونة، وهم مدركون أنّني لا بدّ شاهدتها ألف مرة،

 

وأرفقوا رسائلهم بعبارة أو برسالة صوتية تقول “ما راح خلي ولادي بهل البلد يموتوا برصـــــاصة من هون وهونيك، بدي فل من هالمزرعة لأي مكان بيحترم حياة الإنسان “.

 

زميلتي التي هرعت إلى المدرسة الواقعة في محيط الإشـــــتباكات، لاحضار ابنها الذي لا يتجاوز عمره الخمس سنوات،

 

امضت ساعات قبل أن تتمكن من اجتياز خطوط النـــــار، ووصلت أخيرًا لتشاهده وقد أجلسته أصوات الرصـــــاص في زاوية أحد الممرات، إلى جانب مئات الأطفال والمعلّمين، وهو في حالة مزدوجة من الذهول والرعب.

 

حال المعلّمات والمعلمين وكافة الموظّفين الإداريين في المدارس لم يكن أفضل، ربيعة ضو مديرة مدرسة كتبت على صفحتها على الفيسبوك “لم نعد ندري أي مفاهيم نعلّم تلاميذنا. التاريخ ضاع منّا، الجغرافيا خريطة  ممزّقة، التربية مواطنة زائفة.

 

نعمل جاهدين لإعادة صورة الوطن الجميل، نسعى بكل قوانا أن نزرع حسّ الإنتماء الى لبنان الوطن، وبلحظة يضيع الحلم، ونرجع إلى ذكرى الحـــــرب الأهلية.

 

ما شهده التلاميذ موجع جدًّا. هذه اللحظات المرعـــــبة لن تغادر ذاكرتهم. أكثر ما نخافه أن يعيش أولادنا وأحفادنا ما عشناه في زمن الحـــــرب . حمى الله لبنان الغالي”.

 

كل صانع لمشهدية الطيونة المشتعلة بالقـــــذائف الصاروخـــــية وبالمـــــدمّرات الطائفية، كل متواطىء عن قصد أو عن جهل في تقديم عرض حي لأطفال لبنان عن أشنع دروس تاريخ المتاجرين بوطنهم،

 

هو مسؤول أمام الأمهات، هو مجـــــرم بحقّ أطفال مريم الخمسة ، الأم التي قضت برصـــــاص القنـــــص داخل منزلها.

 

أمّا وزير التربية عباس الحلبي فمسؤول أيضًا بحسب ما يقول البعض ، لانه لم يأخذ على محمل الجد التحذيرات من خطـــــورة انفـــــجار الشارع عشية الدعوة إلى الدعوات التظاهر، ومضى يؤكّد التدريس العادي في بلد غير عادي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!