بري تحت الخـــــطر هكذا تحرك جنبلاط لحمايته

ليس سهلاً على رئيس الحزب “التقدّمي الإشتراكي” وليد جنبلاط المضيّ في خيار المواجهة مع أحد، خصوصاً في ظل الأوضاع المتوتّرة.

 

فزعيم “الإشتراكي” يعرفُ تماماً عواقـــــب اللعب بالنـــــار، ويدركُ تماماً مخـــــاطر “عزل” أي جهة، وهو الأمر الذي حذّر منه خلال زيارته الأخيرة لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي.

 

فمن يراقبُ حراك جنبلاط ومواقفه إنّما يدركُ أمراً أساسياً وهو أنّ الأخيرَ يسعى للتهدئة بكل الوسائل، ويقول مقرّبون منه إنّ “إبن كمال جنبلاط يرى أن الحلول لا تكون بالعنـــــف والاقتـــــتال،

 

كما أن سعيه الأخير بات يتركّز على أمرين: تهدئة الأجواء السياسية ومنع الفتـــــنة، والانصراف لخدمة الدّروز في الجبل وسط التدهور الاقتصادي الكبير”.

 

ومن دون أي مُنازع، يسيرُ جنبلاط على هذه الخطى بالتلازم مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، إذ أن الطرفين يتوافقان على أهمية ضرب أي مشروعٍ يهدُف لجر البلاد نحو الفتـــــنة المذهبية.

 

أما الأمر الأهم فهو أن معركـــــة الطيونة أثبتت لجنبلاط أن الأمور اتخذت مساراً خطـــــيراً يهدُف لعزل مكونات أساسية في البلد وضربها ، وتحديداً حليفه القديم، نبيه برّي.

 

وحتماً، فإن الجميع، سواء الخصوم أو الحلفاء، يعرفون دور بري في اللعبة السياسيّة، ويدركون أنه صاحب قرار نافذ. وعليه، فإن تأثير بري على منحى الأحداث هو الذي يرسم الصورة الواقعية للبلاد.

 

وفي كلامه من عين التينة قبل يومين، أشار جنبلاط إلى أن هناك جهات دولية تسعى إلى التصعيد. وبالتدقيق، فإنّ كلام جنبلاط التحذيري ليس عادياً، ويقوم من خلاله بتصوير الواقع، كما أنه يُدرك أن المعركـــــة اليوم باتت تستهدِفُ بري،

 

وما بعض الجهات الداخلية إلّا شريكة في هذا الاستهداف. وعليه، فإنّ جنبلاط تحرّك مباشرة باتجاه عين التينة،

 

وقرّر التضامن مع بري وقطع الطريق أمام أي استهداف. وهنا، فإن هذا الأمر قد يُكلف جنبلاط الكثير، لأنه بهذا التضامن يكونُ قد وضع حدوداً بينه وبين جهات مناوئة لبرّي.

 

غير أن ما يبدو هو أنّ “زعيم المُختارة” أيقن تماماً حقيقة الاستهداف، وأراد تحصين حليفه وردّ الجميل له، لأن برّي حصّن جنبلاط مرات ومرات وحماه من العزل خصوصاً خلال الانتخابات النيابية الأخيرة عام 2018.

 

وإلى جانب هذه الصورة، فإنّ جنبلاط لا يربطهُ تناغمٌ مباشر مع “الحـــــزب ” حالياً، لكن مسارَ الأحداث يحتّم عليه الاصطفاف في إطار منع “عزل الشيعة”، سواء كان مع “الحـــــزب ” أو ضدّه.

 

فاليوم، فإن جنبلاط يسعى لكسرِ هذا الاتجاه، وثمة من يقول أن استهداف بري هو استهداف الحـــــزب ” معه،

 

والمعركـــــة القائمة قد تكون لضربِ بري وإضعافه أولاً ومن ثم قطع الجبهة الفولاذية الشيعيّة المتمثلة بـ”الثنائي الشيعي”. وفي حال تحقق ذلك، يتحقق العزلُ تماماً، وهذا ما يخشاه جنبلاط بالدرجة الأولى.

 

ووسط هذه الواقع، يريدُ جنبلاط مع برّي حماية عنصرٍ هام في المشهد ويتمثل بالحُكومة التي يقودها ميقاتي. فاليوم، فإن الهدف الأول والأخير هو تحصينها وعدم عرقلة عملها،

 

كما أن السعي الأكبَر يكمُن في حلحلة الملفات الخلافية خارج مجلس الوزراء منعاً لانفـــــجاره. وبهذا، فإن جنبلاط وبري يكرّسان الغطاء الحكومي فوق أي شيء،

 

وهذه إشارة بارزة ومهمّة خلال المرحلة المُقبلة، إذ أن حماية الحكومة من أي تصدّع يعني دعماً مُطلقاً لعملها وإنجاحاً لمهمّتها الانقاذية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!