طرابلس على شفير الانفجار

جنى الدهيبي | الجمعة 

يبدو أن الغضب الشعبي في الشمال صار على شفير الانفجار، وإن كان التعويل على مدى جديّة التحركات وجدواها ما زال باكرًا. ومثلما سبق أن أوردنا في تقرير سابق، عن عزم بعض الأفراد والمجموعات لكسر الإقفال العام احتجاجًا على تدهور أوضاعهم المعيشية لمستويات خطيرة، بدأت اليوم الجمعة 22 كانون الثاني موجة من التحركات المتنقلة، نفذها العشرات عبر قطع الطرقات وإشعال الإطارات ورفع الشعارات المنددة بالسلطة والقرارات الصادرة عنها.
ففي مدينة “المياومين”، طرابلس، رفع بعض أبنائها صوتهم ضد الاستمرار بالإقفال، وتوعدوا السلطات بتحدّيها وبدء العمل لتأمين لقمة عيشهم، بعد تمديد مدة الإقفال بفعل التفشي السريع لفيروس كورونا، “لأننا نموت على البطيء ولن نستطيع الانتظار حتى 8 شباط للرجوع إلى أشغالنا”، كما يقول أحد المتظاهرين. في المقابل، يدعو آخرون لعدم الإكتراث لـ”كورونا”، بحجة أن الحاجة التي يعيشوها بسبب فقرهم هي أخطر من الوباء نفسه.

فكيف بدا مشهد الغضب الشعبي شمالًا؟
صباحًا، كانت البداية بتجمع السائقين العموميين أمام مقر نقابتهم في طرابلس، وطالبوا النقابة واتحاد النقل البري بالتحرك السريع، في مواجهة الحاجة التي تهدد لقمة عيش عائلاتهم. وأكدوا أن “الوقت لن يطول قبل أن نخرق الحجر الممدد أيا كانت النتائج”.
هذا الاحتجاج، دفع عددًا من السائقين لقطع أوتوستراد البداوي الدولي في الاتجاهين، احتجاجًا على تمديد قرار منع التجول والإغلاق العام، فأشعلوا النار بالإطارات وحاويات النفايات، إلى أن تدخلت قوة من الجيش، وضربت طوقًا أمنيًا في المكان. كما وقعت بعض الإشكالات الفردية والتدافع بسبب تعطيل حركة السير.
وقال نقيب السائقين العموميين في الشمال شادي السيد: “نحن أمام وباء الدولة التي سايرت على حساب صحتنا اليوم، فلتتفضل وتجد حلًا. فإما تجد حلًا وإما نحمل أكفاننا وننزل إلى الشارع، لنصعّد كما لا يتوقعون”.
وفي السياق، نفذ الجمعة أيضًا أصحاب الأفران في طرابلس اعتصامًا أمام مقر نقابة أصحاب الأفران في لبنان الشمالي، وطالب فيه رئيس النقابة، طارق المير، وزير الاقتصاد الإيفاء بالوعد الذي قطعه بدعم السكر والخميرة. وقال أن المشكلة عند حاكم مصرف لبنان الذي طالبوه بتسديد أموالهم المطلوبة.
وانضم محتجون آخرون للتحركات في الشارع من أصحاب البسطات المنتشرة على جسر نهر أبو علي، وأفراد عاطلون عن العمل، ونددوا بالإقفال الذي لم تقابله الدولة بأي تعويضات للعائلات الأكثر فقرًا.
وعصرًا، امتدت التحركات الشعبية إلى وسط ساحة النور، إذ قامت مجموعة من المحتجين بقطعها عند مختلف مساربها، كما قطعوا عددًا من الشوارع عند إشارات الروكسي وعزمي والمئتين، ثم توسعت إلى طلعة العمري وطريق القبة واوتوستراد البداوي، كما قطعوا طريق المحمرة – العبدة، وتوعدوا جميعًا بالتصعيد في الأيام المقبلة.
ورغم أن نسبة الإلتزام بطرابلس ما زالت مرتفعة نسبياً على مستوى التقيد بالإقفال العام، مقارنة مع الإقفالات السابقة، إلا أن بعض المحال التجارية بدأت تعمل من خلف أبوابها المقفلة. كما يسعى سائقو الإجرة للتنقل خلسة بهدف اصطياد الزبائن، فيما أسواق الخضار والعطارين واللحوم ما زالت مكتظة من دون أدنى ضوابط لجهة وضع الكمامات والتباعد الاجتماعي.
وتزامنًا مع التحركات المتقطعة، انتشرت الدعوات على منصات التواصل الاجتماعي للنزول إلى الشارع، اعتراضًا على الإقفال العام.
ويبدو أن هذا اليوم هو بداية لتحركات مقبلة بدأت عفوية، فيما تسعى بعض المجموعات المدنية لتنظيمها في تحركات تعيد إحياء صحوة 17 تشرين الشعبية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!