لبنان بين صندوق النقد والبنك الدولي… الإصلاحات أولاً

سُجل على الساحة اللبنانية تطوران لافتان يرتبطان ببعضهما البعض إلى حدّ كبير، وهما بدء مجلس الوزراء مناقشة موازنة العام 2022، وإنطلاق المفاوضات الرسمية مع صندوق النقد الدولي،

 

بالتزامن مع إستمرار البنك الدولي بتقديم النصائح للبنان حول أفضل السبل للخروج من أزمته، وهذا ما ورد في خلاصة نشرة “المرصد الإقتصادي” التي تصدر عنه، والتي جاءت تحت عنوان “الإنكار الكبير”.

 

النشرة تعتبر أن “الإنكار كبير” لأن الأزمة في لبنان إستمرت سنتين، ومعها إستمرّ الإنحدار، ولم يعمل أحد على إيقافه، بحسب النشرة.

 

وتضيف: بل كانت الإضـــ.ــطرابات النقدية والمالية تخلق ظروفًا إضافية للأزمة من خلال ثلاثة عوامل أساسية: تدهـــ.ــور سعر الليرة، ضخّ الأموال، والتضخم،

 

حيث أصبحت دينامية هذه العوامل الثلاثة مركز الأزمة، وحولها يتمحور إستشراف المستقبل. فعمليات تحويل الودائع إلى الليرة وضخّ الأموال النقدية في السوق، كانت لها تداعـــ.ــيات تضـــ.ــخمية.
فهل قضي الأمر ووصلنا إلى قعر الأزمة؟

 

البنك الدولي لم يقدم إجابة مباشرة عن سؤال من هذا النوع، لكنه أجرى تقييمًا لمـــ.ــخاطر الأزمة وتوقعاته المستقبلية،

 

خلص فيها إلى إستنتاج وحيد، وهو حتمية تفكك الإقتصاد اللبناني، وذلك نتيجة حال الإفلاس التي  قّوضت الإقتصاد، الذي بقي صامدًا سنوات طويلة بعد الحـــ.ــرب اللبنانية، من دون أن يترافق ذلك مع رؤية إقتصادية واضحة.

 

وعلى رغم أن لبنان حصل على فرص عديدة للإنقاذ من قبل المجتمع الدولي مقابل وعود بالإصلاح، بدءًا من “باريس 3” إلى “سيدر” وسواهما، فإن ما وصل إليه من إهتراء كان متوقعًا، وهو بدأ مرحلة العدّ العكسي يوم قرر لبنان عدم سداد ديونه.

 

ويشير البنك الدولي إلى أنه في الوقت الذي تحّملت فيه الطبقتان الفقيرة والوسطى وزر انهـــ.ــيار الوضع الإقتصادي، فإن التمادي في إنكار وجود الأزمة هو أزمة بحد ذاته.

 

هذا الإنكار الكبير، كما يصفه البنك الدولي، يتعلق بمواقع القرار. فهو يشير إلى أن القوى الفاعلة في القطاع العام، وفي بعض القطاعات الخاصة،

 

تواصل ممانعتها للإعتراف بالخـــ.ــسائر، ما يدخل الإقتصاد في حالة “كوما”، ويخلق أضرارًا إجتماعية كان يمكن تفاديها. وحتى بعد مرور عامين على الأزمة المالية لم يحدد لبنان، برأيه  مسارًا واضح المعالم للتعافي.

 

يرى البنك الدولي أن لبنان يحتاج، في شكل عاجل، إلى اعتماد وتنفيذ خطة إصلاحية موثوقة وشاملة وعادلة من أجل تفادي الإنهـــ.ــيار الكامل للشبكة الإجتماعية والإقتصادية،

 

ووضع حد فوري لخسارة رأس المال البشري الذي يسير في اتجاه لا رجعة فيه. ويجب أن تعتمد هذه الإستراتيجيّة على عدّة عوامل، وهي:

 

أولًا، تحديد إطار جديد لسياسة نقدية متقدمة لإعادة الثقة والإستقرار إلى سعر الصرف..

 

ثانيًا، برنامج إعادة هيكلة للدين العام من شأنه أن يحقق الحيّز المالي على المدى القصير واستدامة الدين على المدى المتوسط..

 

ثالثًا، إعادة هيكلة شاملة للقطاع المالي من أجل استعادة ملاءة القطاع المصرفي.

 

رابعًا، تصحيح مالي منصف وتدريجي يهدف إلى إعادة الثقة بالسياسة المالية.

خامسًا، إجراء إصلاحات معّززة للنمو.
سادسًا،تعزيز الحماية الإجتماعية.

 

هذه النشرة، على رغم أهميتها من حيث توصيف الواقع الإقتصادي والمالي في البلاد، وفق بعض الخبراء الإقتصاديين، صدرت قبل عودة مجلس الوزراء إلى دورة  عمله الطبيعي والإعتيادي،

 

وإنكبابه على مناقشة موازنة يحرص المسؤولون على أن تكون متوازنة قدر الإمكان، والإنطلاق الرسمي لمفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي، ما يوحي بأن لبنان قد وضع على سكة الحل، وإن كان المسار الإنقاذي يتطلب الكثير من الجهد،

 

وهذا ما يُعمل عليه حاليًا من خلال التدابير والإجراءات التي تُتخذ تباعًا في جلسات مجلس الوزراء، من أجل التخفيف من حدّة الأزمة الإقتصادية على المواطنين، وتأمين أفضل المناخات لإجراء إنتخابات نيابية شفافة وديمقراطية وفق ما تسمح به الظروف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!