هذه الدول استولت على ذهب مواطينها

في الأزمات الاقتصادية المتعاقبة، أثبت الذهب كفاءته بوصفه استثمارا آمنا، مقارنة بالأموال أو العقارات أو حتى الأراضي التي تخضع بين كل فترة وأخرى إلى قوانين متغيرة. يلجأ كثيرون للادخار في الذهب، سواء في صورة حلي أو سبائك أو عملات ذهبية.

 

لكن صمود الذهب في وجه تقلبات السوق يجعله مطمعا للصوص، وأحيانا للحكومات، مثلما حدث في الولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا والعديد من الحكومات الأخرى، خلال الـ100 عام الماضية، حيث لجأت بعض الدول لمصادرة ذهب مواطنيها، وبررت الحكومات ذلك بدعوى دعم الدولة والحفاظ على استقرارها الاقتصادي.

 

الولايات المتحدة

في ثلاثينيات القرن الماضي، اختارت الدول أسعار الصرف الثابتة المرتبطة بالذهب، بالإضافة إلى حرية حركة رأس المال،

 

وتعرض النظام المالي لضغوط متزايدة لأن كثيرا من المستثمرين كانوا يتداولون في أموالهم مقابل الذهب، وكانت إحدى طرق الولايات المتحدة للسيطرة الكافية على السياسة النقدية لطباعة المزيد من الأموال هي فرض ضوابط مختلفة على رأس المال، بما في ذلك مصادرة الذهب.

 

وحسب موقع “ذا كونفيرسيشن” (The conversation)، اصطدمت الإدارة الأميركية خلال الثلاثينيات بقانون الاحتياطي الفيدرالي الذي وقع عليه الرئيس الأميركي الأسبق وودرو ولسن عام 1913،

 

حيث حدد هذا القانون عملية طباعة الأوراق النقدية عن طريق نص أكد ضرورة أن تكون الأوراق النقدية مدعومة بنحو 40% من قيمتها ذهبا، وبالتالي كان على الحكومة الأميركية توفير ما قيمته 40 سنتا من الذهب لطباعة دولار واحد جديد.

 

وعام 1933 في أثناء الكساد الكبير، صادرت حكومة فرانكلين روزفلت جميع سبائك الذهب والعملات المعدنية من خلال الأمر التنفيذي 6102 لحل الأزمة المالية في البلاد، مما أجبر المواطنين على البيع بأسعار أقل بكثير من أسعار السوق.

 

وبعد المصادرة مباشرة، حددت الحكومة سعرا رسميا جديدا للذهب كان أعلى بكثير من السابق ضمن قانون احتياطي الذهب لعام 1934.

 

بريطانيا
بعد عقدين من انتهاء الحرب العالمية الثانية، وبعد 35 عاما من انسحاب بريطانيا من معيار الذهب “وهو نظام نقدي ترتبط فيه قيمة العملة أو النقود الورقية في بلد ما مباشرة بالذهب،

 

وفي ظله تقبل الدول استبدال كمية ثابتة من الذهب بعملتها الورقية عبر تعيين سعر ثابت يحدد عمليات البيع والشراء التي تجريها الحكومات التي تتبع هذا المعيار”، كان سياسيوها منشغلين بالتدخل في استثمارات الذهب.

 

كان الجنيه الإسترليني يتراجع في أسواق العملات، لذلك كان المستثمرون يشترون الذهب، ويرسلون الأموال إلى الخارج لشرائه، مما أضر بالتوازن التجاري في المملكة المتحدة البريطانية وأضعف قيمة الجنيه الإسترليني، حسب “غولديراغايد” (Goldiraguide).

 

وفي عام 1966، فرضت حكومة حزب العمال حظرا على واردات العملات الذهبية، وحظرت على المواطنين العاديين امتلاك أكثر من 4 عملات ذهبية، وصادرت باقي القطع الذهبية لدى المواطنين، في محاولة منها لوقف انهيار العملة.

 

إيطاليا
في عام 1935، كانت إيطاليا قد بدأت في غزو إثيوبيا، وكانت الأوضاع الاقتصادية تمر بحالة عدم استقرار كبير، وبعد شهرين من الحرب، تحديدا في ديسمبر/كانون الأول 1935،

 

طالب رئيس إيطاليا حينها، بينيتو موسوليني، النساء بتسليم خواتم الزفاف الذهبية واستبدالها بخواتم مصنوعة من الفولاذ منقوش عليها بالإيطالية جملة “الذهب للوطن” (Oro Alla Patria)، وفقا لموقع “متاحف فيكتوريا” (Museumsvictoria) الأسترالي.

 

وطالبهم موسوليني أيضا بتسليم المجوهرات الخاصة بهم للمجهود الحربي، وحشدت الصحف حملات ضخمة موجهة للنساء لوضع الذهب الخاص بهن تحت تصرف الحكومة الإيطالية.

 

هل يمكن تجنب مصادرة الذهب؟
حين كانت الأوقات عصيبة في بعض الدول، طلبت الحكومات من المواطنين تسليم ذهبهم، وهو أحد الأصول التي لم يتمكنوا تاريخيا من السيطرة عليها.

 

ورغم أنه لم يعد هناك نظام نقدي قائم على معيار الذهب، إذا حدثت أزمة مالية حادة، فسيتم النظر في جميع الحلول الممكنة لمعالجة هذا الوضع، وقد يكون الذهب أحد المصادر التي لها قيمة جوهرية في حد ذاته، وعند مصادرة الذهب، لا يوجد الكثير من الحلول القابلة للتطبيق ولا يمكنك تجنب ذلك قانونيا.

 

وعندما تعلن الحكومة أنه من غير القانوني امتلاك قدر كبير من السبائك، فلن يكون هناك خيار سوى الامتثال، أو تهريب الذهب إلى دول محددة، مع احتمالية فرض غرامات مالية، ومصادرة المعادن بالقوة، وحتى التعرض للعقوبات القانونية، حسب موقع “غولد سيلفر” (Goldsilver).

 

(الجزيرة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!